ذكر إباحة تأليف العالم كتب الله جل وعلا54
صحيح ابن حبان

أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الأعلى حدثنا وهب بن جرير حدثني أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع"1. [1:4]
عُرِفَت أرضُ الشَّامِ بأنَّها أرضُ خَيرٍ وبَركةٍ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كثيرًا ما يَدْعو لها ويَستبشِرُ بفَتحِها. وفي هذا الحديثِ يقولُ زيدُ بنُ ثابتٍ رَضِي اللهُ عنه: "كنَّا عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نُؤلِّفُ القرآنَ"، أي: نَجمَعُه، "مِن الرِّقاعِ"، أي: الرُّقعِ الَّتي كانت تُكتَبُ فيه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "طوبى للشَّامِ"، أي: لأهلِها، والمرادُ بطوبى: الرَّاحةُ وطِيبُ العيشِ واجتماعُ الخيرِ فيها. والشَّامُ يُقصَدُ بها البِلادُ المعروفةُ الآن، وهي الَّتي تقَعُ إلى الشَّمالِ مِن الجزيرةِ العربيَّةِ، وتضمُّ سُوريَة والأردنَّ وفِلَسطينَ ولُبنانَ. فقلنا: "لأيٍّ ذلك يا رسولَ اللهِ؟"، أي: لأيِّ سببٍ قلتَ ذلك؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لأنَّ مَلائكةَ الرَّحمنِ باسِطةٌ أجنِحتَها عليها"، أي: تَحُفُّها بالبرَكةِ، وتَدفَعُ عنها المهالِكَ والمؤذياتِ، وقيل: بالمحافظةِ عليها مِن الكفرِ. قيل: ولا يُرادُ بطوبَى هنا الجنَّةُ ولا الشَّجرةُ الَّتي تُرادُ في غيرِها مِن الأحاديثِ.
وفي الحديثِ: فضلٌ ومنقبةٌ لأهلِ الشَّامِ.