ذكر البيان بأن محبة من وصفنا قبل للمرء على الطاعات إنما هو تعجيل بشراه في الدنيا96
صحيح ابن حبان

أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد عن يحيى القطان عن شعبة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت قال:
قال أبو ذر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس قال "تلك عاجل بشرى المؤمن" 1. [1: 2]
أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ عِبادَه بإخلاصِ العبادةِ لوَجهِه الكريمِ، ومِن النَّاسِ مَن يَنقُضُ أجْرَ عَملِه بالرِّياءِ والسُّمعةِ، ومنهم مَن يُصادِفُ ثَناءَ النَّاسِ عليه، وهو لا يَقصِدُ الرِّياءَ به؛ فهذا يَبْقى ويَثبُتُ أجْرُه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئل عن الرَّجلِ الَّذي يَعمَلُ العَمَلَ مِنَ الخيرِ خالصًا للهِ، يَبْتغي الأجرَ والثَّوابَ مِن اللهِ، فإذا اطَّلعَ عليه أحدٌ مِن النَّاسِ حَمِده عليه، وفي رِوايةٍ: «يُحِبُّه النَّاسُ عليه»، أي: يُثنونَ عَلى ذلكَ العَملِ، أو عَلى ذلكَ الخيرِ، فهلْ هذا مِن الرِّياءِ الَّذي يُبطِلُ عمَلَ صاحبِه وأجْرَه عليه؟ فأخبَرَهُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ تلكَ المَحمَدةَ أو المَحبَّةَ هي البشارةُ المعجَّلةُ له في الدُّنيا، فهذا مِن ثَوابِ الدُّنيا الَّذي يُعطِيه اللهُ لعَبدِه، وهو أنْ يُوقِعَ مَحبَّتَه في قُلوبِ النَّاسِ، ويُوقِعَ على ألْسِنتِهم ذِكرَه بالخيرِ، وثَوابُه في الآخرةِ: اللِّقاءُ والجنَّةُ، وهذه البُشرى المعجَّلةُ دَليلٌ على رِضا اللهِ تَعالَى عنه ومَحبَّتِه له، فيُحبِّبُه إلى الخلْقِ.
وفي الحديثِ: أنَّ مَن أَخلصَ العَملَ للهِ تَعالَى أَطلَقَ اللهُ الأَلسنَةَ بالثَّناءِ عليهِ، وأنَّه مِن جُملةِ أَولياءِ اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفيه: الحَثُّ على إخلاصِ النِّيَّةِ، والعملِ للهِ عزَّ وجلَّ.