ذكر العلامة التي يستدل المرء بها على إحسانه249
صحيح ابن حبان

أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أبو قديد عبيد الله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن أبي وائل
عن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله متى أكون محسنا قال "إذا قال جيرانك أنت محسن فأنت محسن وإذا قالوا إنك مسيء فأنت مسيء" 1. [3: 66]
المُسلِمُ الحقُّ يُراعي جارَه، ويُؤَدِّي له حُقوقَه، وقد جَعَلَ الشَّرعُ على إحْسانِ الجِوارِ أجْرًا عظيمًا وفَضْلًا جزيلًا، وعلى الإساءَةِ إثْمًا ووِزْرًا كبيرًا.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إذا أَثْنى عليك جيرانُكَ أنَّك مُحسِنٌ، فأَنْتَ مُحسِنٌ، وإذا أَثْنى عليك جيرانُكَ أنَّك مُسيءٌ، فأَنْتَ مُسيءٌ"، أي: إذا قالوا وشَهِدوا أنَّك أحْسَنْتَ أو أَسَأْتَ في الأَمْرِ أو في دِينِكَ وحَياتِكَ، فقدْ وَقَعَ عليك ما شَهِدوا لك به، وخاصَّةً المُؤْمِنينَ منهم؛ لأنَّهم شُهداءُ عَلى بعضِهم؛ وذلكَ لأنَّ الجيرانَ هم أقرَبُ الناسِ إليكَ، وأوَّلُ مَن يقَعُ عليهم تعامُلاتُ المرءِ، فيَظهَرُ أثَرُ ما في قلبِه، وما يَعتقِدُه في سُلوكِه معهم، مع أنَّ الإحْسانَ إلى الجيرانِ أَوْصى به اللهُ سُبحانَه، ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال سُبحانَه وتَعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36] ، وربَّما يَحبَطُ عَمَلُ المُسْلِمِ أو المُسلِمةِ بسَبَبِ أذيَّتِه لجيرانِه .