ذكر ما يجب على المرء من التصبر عند أذى الجيران إياه244
صحيح ابن حبان

أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن بن عجلان عن أبيه
عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه جارا له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات " اصبر ثم قال له في الرابعة أو الثالثة اطرح متاعك في الطريق ففعل قال فجعل الناس يمرون به ويقولون ما لك فيقول آذاه جاره فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال رد متاعك لا والله لا أوذيك أبدا" 1. [1: 2]
حقوقُ الجارِ حُقوقٌ عظيمةٌ في الإسْلامِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كثيرًا ما يُؤكِّد على عِظَم حقِّ الجارِ وأهمِّيَّتِه.
وفي هذا الحَديثِ يَحكِي الصَّحابيُّ الجَليلُ أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه: "جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَشْكو جارَه"، أي: إنَّه يُؤذيهِ ويَظلِمُه، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "اذْهَبْ فاصبِرْ"، أي: ارجِعْ إلى دارِكَ واصبِرْ على جارِكَ؛ لَعلَّه يَنتهي عن إيذائِكَ، فرجَعَ الرَّجلُ لكِنَّه لم يلْبَثْ أنْ عادَ مرَّةً أُخرى يَشكو من إيذاءِ جارِه له، حتَّى عادَ الرَّجلُ في ذلك مرَّتَينِ أو ثَلاثًا، وفي كلِّ مرَّةٍ يأمُرُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بالرُّجوعِ والصَّبرِ على جارِه، حتَّى جاءَه مرَّةً أُخرى يَشكو ظُلْمَ جارِهِ وإيذاءَه الَّذي لا يَنتَهي، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "اطْرَحْ"، أي: ألْقِ وارْمِ، "مَتاعَكَ"، أي: أَثاثَ منزِلِكَ ومُقتنَياتِكَ، "في الطَّريقِ"، أي: في الشَّارِعِ أمامَ المارَّةِ، فأخْرَجَ الرَّجل مَتاعَهُ وأشْياءَه في الطَّريقِ، "فجَعَل النَّاسُ يسألونَه" أي: عن سَببِ ما بِه؟ "فيُخبِرُهم خَبرَه"، أي: يُخبرُهم أنَّ جارَه يُؤذِيهِ وقد أمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بطَرْحِ متاعِهِ في الطَّريقِ، "فجَعَل النَّاسُ يَلْعَنونه"، أي: يلْعَنون هذا الجارَ المُؤذي ويدْعون عليهِ ويقولُون: "فعَلَ اللهُ بهِ، وفعل، وفعل"، أي: عاقبَهُ اللهُ ولعَنَه على فِعْلتِه هذه. فلمَّا رَأى الجارُ المؤذي ذلك؛ مِن دُعاءِ النَّاسِ عليهِ ولَعَناتِهم جاءَ إلى جارِه المَظلومِ فقال له: "ارجِعْ" أي: إلى بيتِك، "لا تَرَى منِّي شيئًا تَكرَهُه"، أي: طلَب مِن جارِه أنْ يَرجِعَ إلى دارِه ووعَدَه بأنَّه لن يَرى منه شيئًا يَكرهُ أبدًا، ولن يؤذِيَه مرَّةً أُخرى.
وفي الحَديثِ: عِظَمُ حقِّ الجارِ، والتَّحذيرُ من إيذائِه.