كتاب جامع الدعوات

وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري (2) ، وأصلح لي دنياي (1) التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر ".
ثم سأل بعد ذلك إصلاح الدنيا له، وذلك بحفظ كل ما يحتاج إليه من الدنيا، وأن يرزقه حلالا طيبا معينا على الطاعة، ثم ذكر العذر في سؤاله إصلاحها؛ بأن قال: «التي فيها معاشي» يعني: التي أعيش فيها لأعبدك، ومن المعاش: الكسب والسعي في الأرض لاستجلاب الرزق، ويكون ذلك عبادة لله عز وجل إذا احتسب العبد الأجر، واستعان به على الطاعة. ثم قال: «وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي» وذلك يكون بصلاح الأعمال وتوفيق الله للعبد، ورتب صلى الله عليه وسلم الآخرة بعد الدنيا؛ إذ الأولى هي وسيلة إصلاح الثانية، فمن استقام في دنياه وفق مراد الله، استقامت له آخرته وسعد فيها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واجعل الحياة زيادة لي في كل خير» فاجعلها سبب زيادة، أزداد فيها من الأعمال الصالحة، «واجعل الموت راحة لي من كل شر» بأن تختم لي بالخاتمة الحسنة وتجعل الموت خيرا من الحياة التي لا تخلو عن شر وبلاء؛ فأتخلص به من كل شر الدنيا ومشقتها، ولا يصيبني شر عذاب القبر وفتنته، ولا شر النار، فأستريح في الجنة
وفي الحديث: مواظبته صلى الله عليه وسلم على الذكر، والدعاء، وطلب خيري الدنيا والآخرة.