مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها 130
مسند احمد

حدثنا عبد الصمد، حدثنا شعبة قال: حدثنا ابن أبي السفر، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن عائشة قالت: «كان تعني النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا، ثم يغتسل، ثم يغدو إلى الصلاة، فأسمع قراءته ويصوم»
الإسْلامُ دِينُ الرَّحمةِ والشَّفقةِ بالنَّاسِ واليُسرِ عليهم، ومِن مَظاهِرِ ذلك: أنَّ التَّطهُّرَ مِن الحَدَثِ الأكبَرِ بعدَ الجَنابةِ صِفةٌ حُكميَّةٌ لمباشرةِ العِبادةِ، ولكنَّها لا تَمنَعُ من مُباشرةِ سائرِ شُؤونِ الحياةِ
وفي هذا الحَديثِ تقولُ عائِشَةُ رضِيَ اللهُ عنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُصيبُه الجَنابةُ فيَغتَسِلُ بعدَما يُصبِحُ"، أي: كانَتْ تُصيبُه الجَنابةُ مِن جِماعٍ ليلًا، ثُمَّ يَدخُلُ وَقْتُ الفَجرِ ولم يكُنْ قدِ اغتَسَلَ، فيَغتَسِلُ بعدَ الأذانِ، "ثُمَّ يَخرُجُ ورأسُه يَقطُرُ ماءً"، أي: يَخرُجُ إلى المَسجِدِ ورأسُه يَسقُطُ منها الماءُ مِن أثَرِ الغُسلِ، "فيُصلِّي لأصْحابِه" الصُّبحَ، "ثُمَّ يصومُ ذلك اليَومَ"، أي: يَبدَأُ صَومَه بعدَ ذلك، وفي هذا إشارةٌ إلى مُباشَرتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للصَّومِ قبْلَ تطهُّرِه؛ لأنَّ الصَّومَ يَبدَأُ مع أذانِ الفَجْرِ، وقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَها جُنُبًا؛ لأنَّ الجَنابةَ تُطلَقُ على كلِّ مَن أنزَلَ المَنيَّ أو جامَعَ، وسُمِّيَ بذلكَ؛ لاجتِنابِه الصَّلاةَ والعِباداتِ حتَّى يطَّهَّرَ منها
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ صِيامِ مَن أصبَحَ جُنبًا، وأنَّه يُكمِلُ صِيامَ يَومِه
وفيه: تَيسيرُ الشَّرعِ على النَّاسِ، ورَفْعُ الحَرَجِ عنهم في العِباداتِ