ذكر الاستدلال على حرمان الخير فيمن عدم الرفق في أموره271
صحيح ابن حبان

أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان عن منصور عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال
عن جرير عم النبي صلى الله عليه وسلم قال "من يحرم الرفق يحرم الخير" 1. [1: 2]
الرِّفقُ في الأُمورِ، والرِّفقُ بالنَّاسِ، واللِّينُ، والتَّيسيرُ؛ مِن جَواهرِ عُقودِ الأَخلاقِ الإِسلاميَّةِ، وهيَ مِن صفاتِ الكَمالِ، واللهُ سُبحانَه وتَعالَى رفيقٌ، يُحبُّ مِن عبادِه الرِّفقَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن حُرِم -أو مَن يُحرَمُ- الرِّفقَ، حُرِمَ -أو يُحرَمُ- الخيرَ، والرِّفقُ: هوَ لِينُ الجانبِ بالقَولِ، والفِعلِ، والأَخذِ بالأَسهَلِ، وهوَ ضِدُّ العُنفِ، وهذا تَرهيبٌ مِن تَركِ الرِّفقِ؛ فمَن جَعَلَه اللهُ تعالَى مَحرومًا مِنَ الرِّفقِ مَمنوعًا منه، فقدْ جَعَلَه مَحرومًا مِنَ الخَيرِ كُلِّه؛ إذِ الخَيرُ لا يُكتَسَبُ إلَّا بالرِّفقِ والتَّأنِّي. ويدُلُّ هذا أيضًا على أنَّ الرِّفقَ خيْرٌ كلُّه، وسَببُ كلِّ خيرٍ، وجالبُ كلِّ نَفعٍ، وضِدُّه الاستعجالُ والعُنفُ، وهو مُفسِدٌ للأعمالِ، ومُوجِبٌ لسُوءِ الأحوالِ، وقدْ قال اللهُ تعالَى لنَبيِّه: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] ، فإذا كان ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فمِن بابِ أَولى ألَّا يكونَ المسْلمُ فَظًّا ولا غَليظًا، بلْ يكونُ رَفيقًا رَحيمًا حَليمًا حتَّى يَجتمِعَ النَّاسُ بحُبِّهم له حَوْلَه.
وفي الحديثِ: فَضلُ الرِّفقِ والحثُّ على التَّخلُّقِ به، وذمُّ العُنفِ، وأنَّ الرِّفقَ سَببُ كلِّ خَيرٍ.