باب استحباب سؤال الشهادة

باب استحباب سؤال الشهادة

روينا في " صحيحي البخاري ومسلم "، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم حرام (2) ، فنام ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت: وما
يضحكك يا رسول الله؟ قال: " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك "، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أم حرام رضي الله عنها من محارم النبي صلى الله عليه وسلم من قبل خالاته؛ لأن أم عبد المطلب كانت من بني النجار، وقيل: كانت إحدى خالاته عليه الصلاة والسلام من الرضاعة، وهي أخت أم سليم، وخالة أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أنس يتبعه ويذهب معه، ولذلك كان يدخل عليها
وفي هذا الحديث يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مرة على أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها -يقال: اسمها الغميصاء، ويقال الرميصاء- فأطعمته، ثم جعلت تفلي رأسه صلى الله عليه وسلم، فتفتشه؛ لتخرج منه الأذى، فنام صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك، فسألته أم حرام رضي الله عنها عن سبب ضحكه، فقال لها: إنه رأى في المنام رؤيا -ورؤيا الأنبياء حق ووحي من الله سبحانه- وإنه رأى ناسا من أمته خرجوا في الغزو يركبون «ثبج هذا البحر» أي: وسط البحر وظهره، كأنهم مثل الملوك على أسرتهم؛ لاتساع السفن التي يركبونها، وفي هذا بشرى منه صلى الله عليه وسلم باتساع ملك أمته حتى يركبوا غزاة في البحر، فيعبروا منه إلى البلاد التي وراءه، فيفتحونها، فسألت أم حرام النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها الله أن يجعلها منهم، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وضع رأسه مرة أخرى، ثم استيقظ وهو يضحك، فسألته أم حرام رضي الله عنها عن سبب ضحكه، فقال لها مثل ما قال في المرة الأولى، فكررت عليه طلبها بأن يدعو لها أن تكون منهم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت من الأولين»، أي: من أول من يكون على هذه السفن في وسط البحر، فلما كان زمان خلافة معاوية رضي الله عنه ركبت أم حرام رضي الله عنها البحر في غزو الروم، فلما خرجت من البحر وفي الطريق لما رجعوا من غزوهم صرعت عن دابتها، أي: وقعت من فوقها فماتت. قيل: خرجت مع زوجها في أول غزوة كانت إلى الروم مع معاوية في زمن خلافة عثمان بن عفان سنة ثمان وعشرين، وكان معاوية أول من أشار بصنع الأسطول الإسلامي، وكان أول من تأمر عليه في زمن خلافة عثمان رضي الله عنهم أجمعين.
وفي الحديث: علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم.