باب بيان ما أعد الله تعالى للمؤمنين في الجنة 17
بطاقات دعوية

وعن صهيب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم».رواه مسلم.
قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} [يونس: 9 - 10].
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
قال مؤلفه: فرغت منه يوم الإثنين رابع شهر رمضان سنة سبعين وستمائة
بدمشق
الجنة هي جزاء الله لعباده المتقين المؤمنين، ومن رأى هول المحشر والقيامة، ثم فاز بالجنة فإنه يعلم مقدار نعمة الله وفضله عليه؛ ومع ذلك فإن الكريم الرحيم يتكرم على عباده بأفضاله ومثوبته، ويزيدهم من نعمه وكرامته
وفي هذا الحديث يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دخل أهل الجنة الجنة، فاستقروا فيها بإذن الله، وذلك يوم القيامة، يسألهم الله تبارك وتعالى بعد دخولهم: «تريدون شيئا أزيدكم؟» وهذا من زيادة الفضل والنعمة، وهذا السؤال تمهيد لما سيأتي بعد ذلك من بيان الزيادة والفضل، فيقول أهل الجنة: «ألم تبيض وجوهنا؟» يشيرون إلى قول الله تعالى: {وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون} [آل عمران: 107]؛ «ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟»؛ فإن تبييض الوجوه والرضا عنهم مع إدخالهم الجنة وإنجائهم من النار كان منتهى أملهم؛ فلا يتخيلون وجود شيء أفضل من هذا، ولكن الله الكريم، أفضاله لا تنتهي، فيكشف الحجاب عن أعين الناظرين، وحجابه تعالى من النور، كما جاء في حديث لمسلم، والمعنى: أن هناك حاجزا بين الله عز وجل وبين خلقه، مادته التي يتكون منها النور، وحاصل جوابهم: أنهم لما رأوا من النعيم في تلك الدار، فهموا أن لا مزيد على ذلك النعيم الذي أوتوه، وظنوا أن لا أفضل مما أعطوه، فحينئذ ينجز الله تعالى لهم وعده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله: «إنكم سترون ربكم...» متفق عليه. فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم «تلا هذه الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26]»، فالحسنى: هي الجنة التي أدخلهم الله إياها، والزيادة: هي النظر إلى ربهم، ومصداق ذلك قول الحق: {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة} [القيامة: 22، 23]، فبين تعالى أن جزاء المؤثرين الآخرة على الدنيا: أن تكون وجوههم حسنة بهية مشرقة مبتهجة، وأنهم يرون ربهم عيانا، فيتمتعون بالنظر إلى الله تعالى، وجماله الباهر الذي ليس كمثله شيء
وفي الحديث: بيان فضل الله على المؤمنين بإدخالهم الجنة.
وفيه: إثبات نظر المؤمنين إلى الله في الجنة.