"باب: ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر" "174
السنة لابن ابي عاصم

ثنا هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر قال لما نزلت:
{قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: "اللهم إني أعوذ بوجهك" {أو من تحت أرجلكم} قال: "أعوذ بوجهك" {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: "هذ أيسر هذا أيسر"
أَرْسلَ اللهُ سُبحانه وتعالَى على المُعانِدينَ والمكذِّبِينَ ألْوانًا وأصنافًا مِنَ العذابِ والانتقامِ، وفي قولِه تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يُلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] إشارةٌ إلى بَعضِ هذه الأصنافِ مِن العذابِ؛ فقولُه تعالى: {مِنْ فَوْقِكُمْ} كَالحِجارةِ الَّتي أُرْسِلَتْ على قَومِ لُوطٍ، والماءِ المنْهمِرِ الَّذي أُنزلَ على قومِ نُوحٍ فَأغرَقَهم، وغيرِ ذلك، وقولُه تعالَى: {مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} كالخَسفِ بِقارونَ وإغراقِ آلِ فِرعونَ، وقولُه تعالَى: {يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}، أي: يَجعَلَكم فِرقًا مُتخالِفِينَ، ويروي جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه لَمَّا أُنزلَتْ هذه الآيةُ، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عند قولِه تعالَى: {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}: «أَعوذُ بِوجهِك»، أي: أَستجيرُ بِك وَألْتَجئُ إليك، وكذا قال عندَ قولِه: {مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}، وَلَمَّا نزلتْ: {يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال: «هذا أهوَنُ»، أي: الاختلافُ والفِتنةُ أيسرُ مِنَ الاستئصالِ والانتقامِ بعَذابِ اللهِ، وإنْ كانتِ الفتنةُ مِن عَذابِ اللهِ، لكنْ هي أخفُّ؛ لأنَّها كفَّارةٌ لِلمؤمنينَ، أعاذَنا اللهُ مِن عَذابِه ونِقَمِه.
وفي الحَديثِ: إثباتُ الوَجْهِ لله سبحانَه على ما يليقُ بذاتِه وجَلالِه.