باب ما يقوله إذا رأى من نفسه أو ولده أو ماله أو غير ذلك شيئا فأعجبه وخاف أن يصيبه بعينه وأن يتضرر بذلك

باب ما يقوله إذا رأى من نفسه أو ولده أو ماله أو غير ذلك شيئا فأعجبه وخاف أن يصيبه بعينه وأن يتضرر بذلك

وروينا فيه عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأى أحدكم ما يعجبه في نفسه أو ماله فليبرك عليه، فإن العين حق ".

علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته حسن الأدب في كل شيء، ومن ذلك: الدعاء بالبركة والخير عند رؤية ما يعجب؛ حتى تندفع العين ولا يقع التحاسد بين الناس
وفي هذا الحديث يحكي أبو أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه، أنه: "مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل" وكان يغتسل في بئر في المدينة، فقال عامر رضي الله عنه عندما رأى سهلا: "لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة"، أي: ما رأيت يوما مثل ما رأيته اليوم في البياض والنعومة؛ جلدا حسنا جميلا أجمل من جلد الفتاة المنعمة، المخبأة الممنوعة من الخروج من خبائها وخيمتها وبيتها التي لم تتزوج بعد! قال أبو أمامة رضي الله عنه: "فما لبث أن لبط به"، أي: صرع سهل بن حنيف، وسقط من قيام، وذلك من أثر العين والحسد، وفي رواية الطبراني: "فوعك سهل مكانه، واشتد وعكه"
قال أبو أمامة: "فأتي به"، أي: بخبر ما أصاب سهل، "النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: أدرك سهلا صريعا"، أي: مريضا لا يقوى على القيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تتهمون به؟ قالوا: عامر بن ربيعة". وفي رواية الطبراني: "فأخبره سهل الذي كان من شأن عامر"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "علام يقتل أحدكم أخاه؟!"، أي: بالعين والحسد، ثم قال صلى الله عليه وسلم موجها إلى الأدب في مثل هذه المواقف: "إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة"، أي: أن يسأل الله له الزيادة في الخير
قال: "ثم دعا"، أي: طلب النبي صلى الله عليه وسلم، "بماء، فأمر عامرا أن يتوضأ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره"، وداخل إزاره: طرف الإزار الذي يلي الجسد، "وأمره أن يصب عليه"، وفي رواية أحمد من حديث سهل بن حنيف: "ثم يصب ذلك الماء عليه رجل من خلفه على رأسه وظهره، ثم يكفئ القدح. ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس" وهو كناية عن سرعة برئه، وهذا الأمر لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه؛ إذ ليس في قوة العقل الاطلاع على أسرار جميع الأمور.
وفي الحديث: بيان كيفية اغتسال العائن للمصاب بالعين..