آخر الأذان 3
سنن النسائي
أخبرنا سويد قال: حدثنا عبد الله، عن يونس بن أبي إسحاق، عن محارب بن دثار قال: حدثني الأسود بن يزيد، عن أبي محذورة: " أن آخر الأذان: لا إله إلا الله "
زكَّى اللهُ عزَّ وجلَّ بعضَ الأوقاتِ بأنَّ لها فَضلًا، ومِن ذلك أن جَعَلَ بعضَها أرجَى في استجابةِ الدُّعاءِ، وخصَّ بعضَ الأدعيةِ ببَعضِ تلك الأوقاتِ، ومِن ذلك ما يَقولُه السَّامعُ للأذانِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قالَ عَقِبَ سَماعِه للأذانِ وانتهاءِ المُؤذِّنِ منه: «أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شَريكَ له»، أي: أشهَدُ أنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا هو، وأُقِرُّ أنَّه لا شَريكَ له في مُلكِه ولا عِبادتِه، «وأنَّ محمَّدًا عبْدُه ورَسولُه»، وقد وُصِفَ بالعُبوديَّةِ الَّتي هي غايةُ التَّذلُّلِ والخُضوعِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ أتقَى الخَلقِ على الإطلاقِ، ولم يَبلُغْ أحَدٌ مَبلَغَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَ التَّذلُّلِ والخُضوعِ لِمَولاهُ، والإضافةُ فيه للتَّشريفِ، وهي إشارةٌ إلى كَمالِ مَرتبتِه في مَقامِ العُبوديَّةِ بالقِيامِ في أداءِ حقِّ الرُّبوبيَّةِ، ثُمَّ يَقولُ: «رَضِيتُ باللهِ ربًّا»، أي: رَضيتُ بِرُبوبيَّتِه وبجَميعِ قَضائه وقَدَرِه، «وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا» أي: رَضيتُ بجميعِ ما أُرسِلَ به وبَلَّغَه إلينا مِنَ العقائدِ والشَّرائعِ وغيرِها، «وبالإسلامِ»، أي: ورَضيتُ بجميعِ أحكامِ الإسلامِ مِنَ الأوامِرِ والنَّواهي، فرَضيتُه «دِينًا»، أيِ: اعتِقادًا أوِ انقيادًا؛ فإنَّ مَن قالَ هذا الدُّعاءَ «غُفِرَ له ذَنْبُه»، أي: منَ الصَّغائرِ، وفي صحيحِ ابنِ خُزَيمةَ وابنِ حِبَّانِ: «غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنْبِه»