يوم عرفة

بطاقات دعوية

يوم عرفة

الحمد لله.. وبعد،
سأذكر في هذه السطور جملة من الأمور المختصرة المعينة بإذن الله على الانتفاع
بيوم عرفة:

أولًا..
 تحديد الهدف الرئيسي من هذا اليوم.. والذي يدور فيما أحسب حول ثلاثة أمور رئيسة:

١- العتق من النار.. وهو باب يغفل عنه كثير من الناس لاشتهار امر الدعاء والصيام عنه.. وأصل العتق حديث مسلم المشهور عن أم عبد الله عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة..
 
وهنا مسألة: هل العتق خاص بأهل الموقف - أعني عرفات - أم للناس كافة؟
نص ابن رجب - رحمه الله - على عموم العتق وتصور وقوعه لغير حاج.. وعمومًا لعل هذا من الفقه الحسن
فاجعل غاية المغفرة والعتق هذه نصب عينيك من بزوغ فجر ذاك اليوم العظيم.
وطريق تحصيل العتق هاهنا: الاجتهاد والعمل الصالح بأنواعه والإخلاص ورجاء ما عند الله وحسن الظن به والإلحاح في الدعاء.

2- تكفير سنة ماضية وأخرى قابلة؛ وأصله حديث مسلم النيسابوري المشتهر: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده.. قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة.
وطريق هذا التكفير: الصيام؛ صيام القلب والجوارح!

3- تحقيق الحاجات وتفريج الكربات .. والحاجات هاهنا ثلاث:
- دين
-دنيا
-آخرة

أقوله استنباطًا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي.. خرجه مسلم  الإمام.
وطريق ذلك الإلحاح في الدعاء .. وآدابه مستفيضة اشتهارًا من طهارة ووضوء واستقبال قبلة وحضور قلب وبداءة بحمد الله والصلاة على رسوله والتماس الوارد والأثر، وفي مسح الوجه بعد الدعاء خلاف سائغ مشهور.

حسنًا.. هاته  أهداف ثلاثة واضحة الملامح تنطلق من خلالها في استقبال اليوم وتدندن حولها في ثناياه!
سأتعرض الآن للسبل المرجوة لتحصيل تلكم الغايات..

ثانيًا.. 
لعل من أعظم ما يعين المرء على بلوغ هذه الأسباب والثمرات العلية= استقبال يومه بالتوبة النصوح.. وهنا مسائل:
1- نصوص المغفرة الواردة في نصوص التكفير بالصيام منوطة بصغائر الذنوب دون كبائرها.. وهذا مذهب جماهير أهل السنة..
2- كما أن العمل لا يحبطه إلا الشرك، فإن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة.. وعليه جمهور السلف.
3-أحد أعظم ثمرات التوبة في موقفنا هذا= الخروج من دائرة الحرمان الملازم للمعصية؛ فالمعصية أحد أعظم أسباب الخذلان وحرمان التوفيق.
4- احذر الإصرار.. ودخول هذا اليوم بذنب خفي لم تتب منه، أو آخر تعزم العودة إليه بعد انقضاء اليوم.

ثالثًا..
الدعاء! وهو أحد أعظم أعمال اليوم.. وإقرانه هنا بالتذلل والإنكسار= أرجى مداخلك إلى الله في هذا اليوم..
والشريعة جاءت في هذا اليوم بإفراد الدعاء بمزية خاصة للحاج وغيره.. وأمر ذلك مشتهر متواتر!
ومداره كما ذكرت أعلاه: الدين والدنيا والآخرة.

رابعًا: 
الذكر! وأعلاه القرآن.. ومنه التكبير المطلق والمقيد، وفيه دعاء يوم عرفة: خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ..
كذا أذكار الصباح والمساء والصلوات والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.. وكل ذكر يُتعبد به إلى الله.

خامسًا:
العمل الصالح كافة.. وأعظمه التوحيد ومقتضياته من ولاء وبراءة وخلافه، ثم الصلوات والجماعات والصيام.. ومنه الصدقة والبر والصلة والإحسان إلى الخلائق، وكل عمل صالح.. وركائز العمل ومبانيه تدور حول محورين:
- إخلاص الدين لله وإرادة وجه الله -عز وجل- بالعمل.
- متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والتماس طرائقه وسننه في كل عمل.
وأصل ذلك كله: العلم.

تلك جملة من الغايات العلية والأسباب والطرائق المفضية إليها عسى أن أكتفي بها على ما فيها من تقصير.. هداني الله وإياكم لخير يومنا هذا وجعلنا من المقبولين.
والحمد لله رب العالمين.