الشره في الأكل

بطاقات دعوية

الشره في الأكل
إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي
تابعي 
من أهل الكوفة رضي الله عنه.
يروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
كنيته : أبو أسماء، 
وكان شابا صالحا قانتا لله عالما فقيها كبير القدر واعظا .
وقال الأعمش : كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير .
قيل: مات في حبس الحجاج بن يوسف بواسط سنة ثلاث وتسعين، وكان قد طرح عليه الكلاب لتنهشه.
=====
وكلامه متعلق بالزهد في الدنيا، وأن المؤمن لا ينبغي أن يستكثر منها إلا بما كان بنية صالحة، كأن يأكل ليتقوى على عبادة ربه، ونحوه،
وأما الذي يأكل بشره فقد تعدى هذه النية، بل قد يدخل في الضار المنهي عنه.
والشره أسوأ الحرص، يقال شره فلان إلى الطعام يشره شرها إذا اشتد حرصه عليه. 
فالمعنى أن من شأن المؤمن التقلل من الأكل لاشتغاله بأسباب العبادة ولعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل ما يسد الجوع ويمسك الرمق ويعين على العبادة ولخشيته أيضا من حساب ما زاد على ذلك.
وليس المراد خصوص الأكل وإنما المراد التقلل من الدنيا والاستكثار منها فكأنه عبر عن تناول الدنيا بالأكل.
وفيه أيضا نهي عن الإسراف، وإيثار الآخرة على الدنيا.
======
وفي الوحي ما يؤيد كلام ابراهيم رحمه الله، 
فقال تعالى ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون) (هود : 15)
وقال تعالى ( يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (الأعراف : 31)
وقال تعالى ( بل تؤثرون الحياة الدنيا (*) والآخرة خير وأبقى)(الأعلى : 16-17)
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنه قرأ هذه الآية، فقال: أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ قال: لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ولذاتها وبهجتها، والأخرى: غيبت عنا فأخذنا العاجل، وتركنا الآجل.
=====
وعن أبي هريرة  : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ضافه ضيف وهو كافر فأمر له رسول الله صلى الله عليه و سلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أخرى فشربه ثم أخرى فشربه حتى شرب حلاب سبع شياه ثم أنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه و سلم بشاة فشرب حلابها ثم أمر بأخرى فلم يستتمها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء ) متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
( حلابها ) الحلاب الإناء الذي يحلب فيه اللبن.
فهذا مثل ضُرب للمؤمن وزهده في الدنيا والكافر وحرصه عليها فكان المؤمن لتقلله من الدنيا يأكل في معي واحد والكافر لشدة رغبته فيها واستكثاره منها يأكل في سبعة أمعاء فليس المراد حقيقة الأمعاء ولا  خصوص الأكل وإنما المراد التقلل من الدنيا والاستكثار منها فكأنه عبر عن تناول الدنيا بالأكل وعن أسباب ذلك بالامعاء.
=====
ويستدل أيضًا بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعا حتى يستأذن أصحابه متفق عليه
والمعي مفرد أمعاء وهي المصارين.
====
والشره مذموم عمومًا، ومنه قول سلمة ابن الأكوع لما لقي الذين أخذوا إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" فجعلت أرميهم وأقول أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع" متفق عليه
والرضع بضم الراء جمع راضع وهو اللئيم، فمعناه اليوم يوم اللئام أي اليوم يوم هلاك اللئام، والأصل فيه كما  قال أبو عمرو الشيباني هو الذي "يرتضع الشاة أو الناقة عند إرادة الحلب من شدة الشره".