التورع عن الفتيا

بطاقات دعوية

التورع عن الفتيا

هو إبراهيم بن يزيد النّخعي.

من أهل الكوفة رضي الله عنه، كنيته: أبو عمران،  رأى عائشة وأدرك أنس بن مالك وسمع المغيرة بن شعبة.

مات سنة خمس أو ست وتسعين، وهو ابن ست وأربعين سنة بعد موت الحجاج بأربعة أشهر.

قال الأعمش: ما عرضت على إبراهيم حديثا قط إلا وجدت عنده منه شيئا.

======

وكلامه متعلق بالفتيا، والفُتْيَا أمرها عظيم، ولقد كان السلف رحمهم الله يأبون الفُتْيَا، وَيُشَدِّدُونَ فيها ويَتَدَافَعُون،

فكانوا يخشون الفتيا إذ هي قول على الله وعنه، ووقوف بين الله - تعالى - وخلقه.

=====

وقد جاءت النصوص والآثار محذرة من الإقدام على الفتيا قبل امتلاك أدواتها،

فقال - تعالى -: {قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]،

وقال - عز وجل -: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116]،

وقال - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء؛ حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا»(متفق عليه).

وعن حبْر الأمة عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «من أفتى بفتيا يُعَمَّى عليها فإثمها عليه»(رواه الدارمي).

=====

ولهذا الترهيب الشديد وَجِل من الفتيا الأئمة وخاف منها السلف، وأقوالهم المنبهة على ذلك أكثر من أن تحصى.

يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «من أفتى الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون"

وعن البراء - رضي الله عنه - قال: «لقد رأيت ثلاثمائة من أصحاب بدر ما فيهم من أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبه الفتيا"

وقال ابن أبي ليلى: «أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسْألُ أحدُهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول"

وقال عطاء: «أدركت أقواماً يُسْألُ أحدُهم عن الشيء فيتكلم وهو يرعد"

 وقال سفيان: «أدركت الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدوا بداً من أن يفتوا»

وقال مالك: «ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك»

وقال أبو إسحاق السبيعي: «كنت أرى الرجل في ذلك الزمان، وإنه ليدخل يسأل عن الشيء فيدفعه الناس عن مجلس إلى مجلس حتى يُدفَع إلى مجلس سعيد بن المسيب؛ كراهيةً للفتيا»

وكان سعيد بن المسيب «لا يكاد يفتي فتيا، ولا يقول شيئاً إلا قال: اللهم سلمني وسلم مني».