إشعار الهدي 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح وأنبأنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة، قلد الهدي، وأشعر وأحرم بالعمرة» مختصر
بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ وسُننَهما وآدابَهما، بالقَولِ والفِعلِ، ونقَلَ الصَّحابةُ ما سَمِعوه وما رَأوْه مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك
وفي هذا الحديثِ يَروي المِسْوَرُ بنُ مَخرَمةَ رَضيَ اللهُ عنهما والتابعيُّ مَرْوانُ بنُ الحكَمِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ مِن المدينةِ عامَ الحُدَيْبِيَةِ -وهو العامُ السادسُ مِن الهِجرةِ- يُريدُ العُمرةَ ولا يُريدُ قِتالًا، ومعه بضْعَ عَشْرَةَ مئةٍ مِن أصحابِه -والبِضعُ مِن ثَلاثةٍ إلى تِسعةٍ- وفي الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ جابرٍ ذكَرَ مرَّةً أنَّهم كانوا ألْفًا وثَلاثَمئةٍ، ومرَّةً ألْفًا وأربعَمئةٍ، ومرَّةً ألْفًا وخَمسَمئةٍ، فلمَّا وَصَلوا إلى ذي الحُلَيْفةِ -وهي المَعروفةُ بآبارِ عَلِيٍّ، وهو مَوضِعٌ مَعروفٌ في أوَّلِ طَريقِ المَدينةِ إلى مكَّةَ، بيْنه وبيْن المدينةِ نحْوُ سِتَّةِ أميالٍ (13 كم) تَقريبًا، وبيْنه وبيْن مكَّةَ نحْوُ مِئتي مِيلٍ تَقريبًا (408 كم)، وهو أبعَدُ المواقيتِ مِن مكَّةَ، وهو مِيقاتُ أهلِ المدينةِ، وكُلُّ مَن أتى إلى الحَجِّ ومرَّ بالمدينةِ فإنَّها كذلِك مِيقاتٌ له- قلَّد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الهَدْيَ وأَشْعَرَه، والتَقليدُ: أنْ يُجعَلَ في أعناقِ الهَدْيِ قِلادةٌ تُميِّزُه عن غَيرِه؛ مِن جِلدٍ، أو نَعلَين، أو نحْوِها. والإشعارُ: أنْ يُطْعَنَ في سَنامِ البَدَنةِ بسِكينٍ أو نحْوِ ذلك حتَّى يَسيلَ دَمُها، وفائدةُ الإشْعارِ: الإعلامُ بأنَّها صارتْ هَدْيًا، فيَتبَعُها مِن الفُقراءِ مَن يَحتاجُ إليها، وحتَّى لو اختَلَطَت بغَيرِها تَميَّزَت، أو ضلَّتْ عُرِفَتْ، مع ما في ذلِك مِن تَعظيمِ شِعارِ الشَّرعِ، وحَثِّ الغيرِ عليه
وقد أَحْرَمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالعُمْرَةِ، ولكنْ مَنَعَه المشرِكون، ووقَعَ صُلحُ الحُديبيَةِ، وقَضَى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُمرتَه هذه في العامِ القابلِ (السابعِ الهِجريِّ)، وسُمِّيت عُمرةَ القَضاءِ. وفي صَحيحِ البُخاريِّ، عن ابنِ عباسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «قد أُحصِرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فحَلَقَ رَأسَه، وجامَعَ نِساءَهُ، ونحَرَ هَدْيَه، حتى اعتَمَرَ عامًا قابلًا»
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ تَقليدِ الهَدْيِ وإشعارِه؛ لتَمييزِه
وفيه: مَشروعيَّةُ الإحرامِ بالعُمرةِ المُفرَدةِ