الإذن بالخضاب 1
سنن النسائي
أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: قال أبو سلمة: إن أبا هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ح وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أخبره عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اليهود، والنصارى لا تصبغ فخالفوهم»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ مُوافقةَ أهلِ الكِتابِ مِن اليَهودِ والنَّصارَى ومُخالفةَ المشركين الوَثَنِيِّين؛ في أوَّلِ الأمرِ، ثُمَّ لَمَّا اكتَمَل التَّشريعُ أمَرَ بمُخالَفةِ اليَهودِ والنَّصارى، وصار هذا أصلًا شرعيًّا
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَعلَمًا مِن مَعالِمِ مُخالَفةِ اليهودِ والنَّصارى، حيث إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا رآهُم لا يَصبُغونَ، أي: لا يُغَيِّرون الشَّيبَ، والمُرادُ به الشَّعرُ الأبيضُ في الرَّأْسِ واللِّحيةِ؛ أمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمُخالفَتِهم وتَغييرِ الشَّيبِ
وقد وجَّهَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَغيِيرِ الشَّيبِ بالحِنَّاءِ والكَتَمِ، كما في سُننِ أبي داودَ والتِّرمذيِّ: «إنَّ أحسَنَ ما غُيِّرَ به هذا الشَّيبُ: الحِنَّاءُ والكَتَمُ»، ونَهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن نَتْفِه، كما في سُنَنِ التِّرمذيِّ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن نَتْفِ الشَّيبِ وقالَ: «إنَّهُ نُورُ المسلمِ»، ونَهى عن صَبْغِ الشَّعرِ باللَّونِ الأسْوَدِ؛ لأنَّ فيهِ تَغريرًا وخِداعًا، وقدْ يكونُ مُنافيًا للوَقارِ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: أُتِيَ بأبي قُحافةَ يومَ فتْحِ مكَّةَ ورَأسُه ولِحيتُه كالثَّغامَةِ بَياضًا، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «غيِّروا هذا بشَيءٍ، واجتَنِبوا السَّوادَ»، والثَّغامةُ: شَجرةٌ بَيضاءُ الثَّمَرِ والزَّهْرِ