الاستعاذة من شر ما عمل 1
سنن النسائي
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، قال: أخبرني موسى بن شيبة، عن الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، أن ابن يساف، حدثه، أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما كان أكثر ما يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته، قالت: " كان أكثر ما كان يدعو به: اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل "
كانت بعضُ أدْعيةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منها ما هو تَعليمٌ لأُمَّتِه؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَعصومٌ مِن الوقوعِ فيها، ومنها ما يكونُ مَزيدَ شُكرٍ للهِ عزَّ وجلَّ
وفي هَذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ فَروةُ بنُ نَوفلٍ الأشجعيُّ أنَّه سَأَلَ عائِشةَ أمَّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها عَمَّا كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدْعُو به اللهَ سُبحانه، فأخبَرَتْه رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يقولُ في دُعائهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن شَرِّ ما عَمِلتُ» وهو ما يُمكِنُ أنْ يكونَ صدَرَ في الماضي مِن الصَّغائرِ والهَفَواتِ وخِلافِ الأَولى ممَّا يُحتاجُ فيه إلى العفوِ والمغفرةِ، «ومِن شَرِّ ما لم أعمَلْ» وهو ما يُمكِنُ أنْ يَقَعَ في المستقبَلِ ممَّا لا يَرضاهُ اللهُ؛ فإنَّه لا مَأمَنَ لِأحدٍ مِن مَكْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، كَما قال تَعالَى: {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99]
والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ غفَرَ اللهَ عزَّ وجلَّ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنْبِه وما تأخَّرَ. وهذا الدُّعاءُ مِن بابِ التَّعليمِ لأُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فيُقْتدى به، وإلَّا فجَميعُ أعمالِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سابقُها ولاحقُها كلُّها خيرٌ لا شَرَّ فيها
وفي الحديثِ: حِرصُ السَّلفِ عَلى تَعلُّمِ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ