الاستعاذة من شماتة الأعداء
سنن النسائي
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: قال حيي: حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وشماتة الأعداء»
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أُمَّتَه كثيرًا من الأدعيةِ النافعةِ، وقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم كثيرَ الدُّعاءِ لربِّه، ومن تِلكَ الأدعيةِ: ما يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنهما
في هذا الحديثِ: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يَدعو بهؤلاءِ الكَلماتِ"، أي: إنَّ عادتَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنْ يَدعوَ بهنَّ، والمرادُ بالكلماتِ: الدَّعواتُ، "اللهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ"، أي: أَلْجَأُ وأَلوذُ بك لا بغيرِك، "مِن غلَبَةِ الدَّينِ"، أي: بأنْ يُعينَه على قَضائِه وسَدادِه؛ وذلك لِما في الدَّينِ مِن هَمٍّ وكَربٍ؛ فإذا ما عَجَزَ الإنسانُ عنه أَلجأَه إلى الكَذِبِ ونحوِه، "وغلَبَةِ العدوِّ"؛ إمَّا بكَفِّ العدوِّ عنهم وعدَمِ محاربَتِهم، أو بالانتصارِ عليه؛ وذلك لأنَّه إذا انتصَر عدوٌّ فإنَّه يَستبيحُ فيمَن وقعَت فيهم الهزيمةُ مِن أموالِهم وأَعراضِهم ودِينِهم، "وشَماتَةِ الأعداءِ"، أي: الَّذي يَفرَحُ بما يقَعُ مِن مَصائِبَ وبَلاءٍ على المسلِمين؛ وذلك أنَّ شماتَتَهم تَنْكَأُ في القَلبِ، وتَبلُغُ في النَّفسِ أشدَّ مَبلَغٍ
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّعوُّذِ باللهِ مِن الدُّيونِ وهُمومِها ومن كلِّ ما يَجثُمُ على القَلبِ مِن الهمومِ الشَّاغلَةِ عن طاعةِ اللهِ
وفيه: بيانُ أنَّ ممَّا يصيبُ بالهَمِّ والغَمِّ ما يكونُ أمرًا حسِّيًّا أو مادِّيًّا، ومنها ما يكونُ مَعنويًّا