الترغيب في إقامة الحد 2
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن زرارة، قال: أنبأنا إسمعيل، قال: حدثنا يونس بن عبيد، عن جرير بن يزيد، عن أبي زرعة قال: قال أبو هريرة: «إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة»
وضَعَ الإسلامُ الحُدودَ الرادِعةَ التي تُناسِبُ خُطورةَ الأفعالِ الشَّنيعَةِ التي يَرتَكِبُها العُصاةُ، وفي إقامةِ الحُدودِ حِفاظٌ على المُجتمَعِ مِنَ الرَّذائلِ التي تُفسِدُه، وفيها أداءٌ لحَقِّ اللهِ تَعالى
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه: "إقامةُ حَدٍّ في الأرضِ"، أي: إقامةُ حَدِّ اللهِ على العُصاةِ ومُرتَكِبي الكَبائِرِ، "خَيرٌ لأهْلِها من مَطَرٍ أربَعينَ لَيلَةً"، أي: خَيرٌ لهم، وخَيرٌ لهذه الأرضِ التي ارتُكِبتْ فيها تلك المعاصي، وذَكَرَ المَطَرَ؛ لأنَّ المَطَرَ تَنزِلُ معه الرَّحمَةُ والخَيرُ، ويَعُمُّ به النَّفْعُ؛ فإقامةُ الحَدِّ فيه نَفعٌ وخَيرٌ، أفضَلُ من نُزولِ المَطَرِ أربَعينَ لَيلَةً؛ وذلك لأنَّ في إقامَتِه زَجرًا للخَلْقِ عن المعاصي والذُّنوبِ، وسببًا لفَتحِ أبوابِ السَّماءِ بالمَطَرِ، أمَّا إذا قَعَدَ عنها وتَهاوَنَ في إقامَتِها؛ فذلك التَّهاوُنُ يُعتبَرُ انهِماكًا لهم في الإثمِ، وسَببًا لأخْذِهم بالسِّنينَ والجَدْبِ وإهلاكِ الخَلْقِ، وفَتْحِ بابٍ للتَّهاوُنِ في أحكامِ اللهِ
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَعظيمِ حُدودِ اللهِ، وأنَّ مَن تَعَدَّاها فهو ظالِمٌ لنَفْسِه، وأنَّ على مَن بيَدِه الأمْرُ أنْ يُقيمَ حُكمَ اللهِ وحُدودَه على العِبادِ