الحج بالصغير 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، أن امرأة رفعت صبيا لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر»
وضَعَ الإسلامُ شُروطًا للتَّكليفِ ووُجوبِ الفرائضِ على المسلمِ، ومِن ذلك أنَّه جَعَلَ الحجَّ غيْرَ واجبٍ إلَّا على البالغِ العاقلِ الحُرِّ المُستطيعِ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم «لَقِيَ رَكبًا» وهم الجماعةُ المسافِرون، والرَّكبُ هُم أَصحابُ الإبلِ خاصَّةً، وأَصلُه أنْ يُستعمَلَ في عَشرةٍ فَما دونَها، «بالرَّوحاءِ»، وهي قَريةٌ بيْنها وبيْن المدينةِ حَوالَي (80 كم). وكان ذلك في طَريقِ الرُّجوعِ مِن حَجَّةِ الوَداعِ، كما بيَّنَت رِوايةُ النَّسائيِّ، فَسَألَهم: «مَنِ القَومُ؟» فأجابوه بأنَّهم مِن جَماعةِ المسلمين، ثُمَّ سَألوه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «مَن أنتَ؟» فأجابَهُم: «رَسولُ اللهِ»، ولعلَّهم لم يَعرِفوه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ لأنَّهم لم يَرَوه قبْلَ ذلك؛ لعدَمِ هِجرتِهم، فهمْ قد أسْلَموا في بِلدانِهم، ولم يُهاجِروا قبْلَ ذلك
فلمَّا عَلِموا أنَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، رَفَعَت إليه امرأةٌ منهم صَبيًّا صغيرًا -وهو الَّذي لم يُجاوِزْ سِنَّ البلوغِ- وسَأَلت: «أَلِهذا حَجٌّ؟»، أي: يَحصُلُ لِهذا الصَّغيرِ ثوابُ حَجٍّ، فأجابَها صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «نَعَمْ» لَه حجُّ النَّفلِ، «ولَكِ أَجرٌ»، أي: بسَببِ تَجنيبِها إيَّاه ما يَجتنِبُه المُحرِمُ، وفِعلِ ما يَفعَلُه المُحرِمُ، وتَعليمِه إنْ كان مُميِّزًا، أو أجْرُ النِّيابةِ في الإحرامِ، والرِّميِ، والإيقافِ، والحملِ في الطَّوافِ والسِّعيِ، إنْ لم يكُنْ مُميِّزًا، وفي قولِه: «ولكِ أجْرٌ» تَرغيبٌ لها
فالحَجُّ يَصِحُّ مِن الصَّبيِّ، ويُثابُ عليه، ولكنْ لا يَكفِيه عن الفريضةِ، وعليه حَجُّ الفريضةِ بعْدَ البلوغِ
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الحجِّ بالصَّغيرِ مُطلَقًا
وفيه: أنَّ الصَّبيَّ يُثابُ على طاعتِه، ويكُتَبُ له حَسناتُه
وفيه: ثُبوتُ الأجرِ لوليِّ الصَّبيِّ إذا حجَّ به
وفيه: أنَّ مَن جَهِل شيئًا فعليه أنْ يَسألَ أهلَ العلمِ عمَّا يَجهَلُه مِن الأحكامِ
وفيه: أنَّ مَن أعان شخصًا على طاعةٍ فله أجرٌ