الرواية في المدمنين في الخمر 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن بشار، عن محمد، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن نبيط، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر»
رَغَّب الشَّرعُ في الأمورِ الطَّيِّبةِ الَّتي تقرِّبُ مِن اللهِ ومِن الجنَّةِ، كما حذَّر مِن الأمورِ السَّيِّئةِ، الَّتي تُبعِدُ عن اللهِ وعن الجنَّةِ، وتقرِّبُ مِن النَّارِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا يَدخُلُ الجنَّةَ مَنَّانٌ"، أي: الَّذي يَمُنُّ على النَّاسِ في عَطائِه؛ بذِكْرِه لهم، وإظهارِه في النَّاسِ، "ولا عاقٌّ"، والعُقوقُ هو قَطْعُ صِلةِ الرَّحمِ وأسبابِها، والمرادُ هنا عُقوقُ الوالدَينِ بأيِّ صُورةٍ من الصُّوَرِ مِن السَّبِّ والضَّربِ، وجَلْبِ اللَّعنِ لهما من النَّاسِ، وعِصيانِهما في المعروِف، والتَّضجُّرِ من وجودِهما، والتَّقصيرِ في حقوقِهما، وعَدمِ الإنفاقِ عليهما، وعَدمِ خفْضِ الجَناحِ لهما، وتَقديمِ الزَّوجةِ والأولادِ عليهما وغيرِ ذلك مِن أنواعِ الأذَى وعدمِ تَوفيةِ الحقوقِ، "ولا مُدْمِنُ خَمْرٍ"، وهو الذي يُداومُ عليها ولا يَمتَنِعُ عن شُربِها ولا يَتوبُ عنها
والمرادُ بعدَمِ دُخولِ هؤلاءِ للجنَّةِ نفْيُ الدُّخولِ مُطلقًا لِمَن استَحلَّ تِلك المعاصي مع علمه بتَحريمِها؛ لأنَّه يَكفُر بذلك، وأمَّا مَن لم يَستحلَّها ومات على الإيمانِ وإنْ كان عاصيًا؛ فالمرادُ أنَّهم لا يَدخُلون الجنَّةَ دُخولًا أوَّلِيًّا، وهُم في مَشِيئةِ اللهِ؛ إنْ شاء عَفا عنهم، وإنْ شاءَ عذَّبَهم؛ لِقولِه تَعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والتَّرهيبُ مِن عاقبَةِ الْمَنِّ بالعَطايا، وعُقوقِ الوالِدَين، وشُربِ الخَمرِ