الرواية في المدمنين في الخمر 4
سنن النسائي
أخبرنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن الحسن بن يحيى، عن الضحاك قال: «من مات مدمنا للخمر نضح في وجهه بالحميم حين يفارق الدنيا»
أحَلَّ اللهُ عزَّ وجلَّ لنا الطَّيِّباتِ، وحرَّمَ علينا الخبائِثَ، وأمَرَنا بأنْ نَحفَظَ عُقولَنا؛ فإنَّها مَناطُ التَّكليفِ، وشُربُ الخمرِ مِن أكبرِ الكبائرِ، ومِن أعظمِ المُوبِقاتِ في الإسلامِ؛ لأنها مُذهِبةٌ للعَقلِ؛ ولذلك نَهى عنها
والخمْرُ: هي كلُّ ما خامَرَ العقْلَ، وقد توعَّدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
في هذا الحديثِ مَن شرِبها في الدُّنيا ولم يتُبْ منها: أنَّه لن يشرَبَها في الآخرةِ عند دخول الجنَّة، وقد أخبر اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّ الجنَّة فيها أنهارٌ مِن خمرٍ لذَّةٍ للشَّاربين قال تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد: 15]، فالَّذي يَشرَبُها في الدُّنيا ولم يتُبْ منها، يُحرَمُ لذَّةَ الشُّربِ مِن أنهارِ الجنَّة، وقيل: إنَّه ينسى شهوتَها؛ لأنَّ الجنَّةَ فيها كلُّ ما تَشتهيه الأنفس، وقيل: لا يَشتهيها وإنْ ذكَرَها، ويكون هذا نقْصَ نَعيمٍ في حقِّه؛ تَمْييزًا بيْنه وبيْن تارِكِ شُربِها، وإنَّما حُرِمَ شاربُها في الدُّنيا مِن شُربِها في الجنَّةِ؛ لأنَّه استَعجَل ما أُمِر بتَأخيرِه ووُعِدَ به؛ فالمسلِمون أُمِروا بعدَمِ شُربِ الخمرِ في الدُّنيا، ووُعِدوا بأنَّهم سيَشرَبونها في الآخرةِ مِن أنهارِ الجنَّةِ، ولَمَّا استَعجَلَ هذا العاصي شُربَ الخمرِ في الدُّنيا ولم يَستجِبْ للأمرِ بتَرْكِها، حُرِم منها في الآخرةِ
ومِن سُوءِ العاقِبةِ في الآخرةِ: أنَّ مُدْمِنَ الخمْرِ سيَسْقِيه اللهُ مِن نهْرِ الخَبالِ، كما رَوَى ذلك التِّرمذيُّ، والخبالُ عَرَقُ أهْلِ النَّارِ أو عُصارتُهم، وهو شرابٌ لا يَروِي من عَطَشٍ، مع ما فيه من عذابٍ
وفي الحَديثِ: دليلٌ على أنَّ التَّوبةَ تُكفِّرُ المعاصيَ؛ الكبائرَ منها والصَّغائرَ