عن أبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحبه وابن حبه رضي الله عنهما، قال: أرسلت بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - إن ابني قد احتضر فاشهدنا، فأرسل يقرىء السلام، ويقول: «إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب». فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها. فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال - رضي الله عنهم - فرفع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبي، فأقعده في حجره ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: «هذه [ص:26] رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده» وفي رواية: «في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء». متفق عليه
ومعنى «تقعقع»: تتحرك وتضطرب.
وفي الحديث: أن سعدا ظن أن جميع أنواع البكاء حرام، وأن دمع العين حرام، وظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نسي فذكره، فأعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مجرد البكاء ودمع بعين ليس بحرام ولا مكروه بل هو رحمة وفضيلة، وإنما المحرم النوح والندب والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما.
انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 4/ 9 (923) ...
وفيه دليل على وجوب الصبر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «مرها فلتصبر ولتحتسب» وفيه دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة. وأفضل من قول بعض الناس: «أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك» هذه صيغة اختارها بعض العلماء لكن الصيغة التي اختارها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضل، لأن المصاب إذا سمعها اقتنع أكثر.
والتعزية في الحقيقة ليست تهنئة كما ظنها بعض العوام! يحتفل بها ويوضع لها الكراسي وتوقد لها الشموع ويحضر لها القراء والأطعمة!! لا. التعزية تسلية وتقوية للمصاب أن يصبر. شرح رياض الصالحين 1/ 91 - 92.