العبد يأبق إلى أرض الشرك
سنن النسائي
أخبرنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود قال: أنبأنا شعبة، عن منصور، عن الشعبي، عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة حتى يرجع إلى مواليه»
طاعةُ العَبدِ لسَيِّدِه في طاعةِ اللهِ تَعالَى من أعظَمِ القُرُباتِ، وقد نظَّمَ اللهُ عزَّ وجلَّ العَلاقاتِ بينَ المَماليكِ ومالِكيهم، فدَعا إلى حُسنِ مُعامَلةِ العَبيدِ، ورغَّبَ في عِتقِهم، وكَذلكَ شجَّعَ العَبدَ عَلى رِعايةِ حُقوقِ اللهِ وحُقوقِ سيِّدِهِ؛ فالسَّيدُ قَدِ اشْتَراه بمالِه، فمن حقِّه ألَّا يَضيعَ مِنه هذا المالُ سُدًى
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه إذا هرَبَ العبدُ المَملوكُ من مَواليه ومالِكيهِ، «لم تُقْبَلْ له صَلاةٌ»؛ وذلك أنَّ العَبدَ مَملوكٌ لِسَيِّدِهِ، في ذاتِه ومَنافِعِه، فإذا هرَبَ فقد فوَّتَ على سيِّدِه ذلك؛ قيلَ: الحديثُ مَحمولٌ على المُستَحِلِّ لِلهُروبِ، فيَكفُرُ ولا تُقبَلُ له صَلاةٌ ولا غيرُها، ونبَّهَ بالصَّلاةِ على غيرِها؛ لِعِظَمِها وفَضلِها، وقيلَ: بلِ الحديثُ يَشمَلُ غيرَ المُستَحِلِّ أيضًا، ولا يَلزَمُ من عَدَمِ قَبولِ العَمَلِ عدَمُ الصِّحَّةِ، فصَلاةُ الآبِقِ غيرِ المُستحِلِّ صَحيحةٌ إذا كانت كاملةَ الشُّروطِ والأركانِ، ولكنَّها غيرُ مَقبولةٍ؛ وذلك لاقترانِها بمَعصيةٍ، كما دَلَّ على ذلك هذا الحديثُ، ولا تَناقُضَ في ذلك؛ فإنَّ أثَرَ عدَمِ القَبولِ يَظهَرُ في سُقوطِ الثَّوابِ والأجرِ، وأثَرَ الصِّحَّةِ يَظهَرُ في سُقوطِ القضاءِ، وأنَّه لا يُعاقَبُ عُقُوبةَ تارِكِ الصَّلاةِ
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ هُروبَ العَبدِ من مَواليه مَعصيةٌ كَبيرةٌ، تُضادُّ مُقتضَياتِ الإيمانِ من وُجوبِ الطَّاعةِ لهم