المستوصلة 4
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن منصور قال: حدثنا خلف بن موسى قال: حدثنا أبي، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزار، عن مسروق أن امرأة أتت عبد الله بن مسعود فقالت: إني امرأة زعراء أيصلح أن أصل في شعري؟ فقال: لا، قالت: أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تجده في كتاب الله؟ قال: لا بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجده في كتاب الله، وساق الحديث
يَجِبُ على أَهْلِ الإيمانِ الابتِعادُ عن كلِّ ما يُغضِبُ اللهَ تعالَى، واجْتِنابُ نَواهِيه
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمورًا ممَّا يُبغِضُها اللهُ تعالَى؛ فيقولُ: «لَعَنَ اللهُ»، وفي روايةِ ابنِ عُمَرَ المتَّفَقِ عليها: «لعَنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم»، واللَّعنُ: هو الإبعادُ عن رحمةِ اللهِ، «الوَاصِلةَ» وهي الَّتي تَصِلُ شَعرَها، أو شَعرَ غَيرِها بشَعرٍ آخَرَ مُستعارٍ، وتُوهِمُ أنْ ذلكَ مِن شَعرِها، أو أنَّ شَعرَها أطولُ ممَّا هوَ عليهِ. «والمُستوصِلةَ» وهي الَّتي تَطْلُبُ مِن غيرِها ممن يحتَرِفون ذلك أن تَصِلَ لها شَعْرَها بشَعرٍ مُستعارٍ
وكذلك أَخْبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللهَ تعالَى لَعَن «الواشِمةَ» وهي التي تَفْعلُ الوَشْمَ، والمُستوشِمةَ: التي تَطْلُبُ فِعْلَ ذلك لها، والوَشْمُ: غَرزُ جِلدةِ البَشَرةِ بالإِبرةِ، وحَشْوُها بالكُحْلِ ونَحوِه، فيَسوَدُّ ذلك المَوضِعُ، أو يَزرَقُّ، أو يَخضَرُّ، وتَظهَر فيه أشكالٌ وألوانٌ مُخالِفةٌ لِلَونِ البَدَنِ، وكانوا يَرونَ أنَّ ذلِك مِن التَّجميلِ
قيل: هذا اللَّعنُ صَريحٌ في حكايةِ ذلك عن اللهِ عزَّ وجَلَّ إن كان خبرًا، ويحتَمِلُ أنَّه دعاءٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على من فعَلَت ذلك
وقيل: سَبَبُ النَّهيِ هو مَا فيها مِن تَغييرِ خَلقِ اللهِ تعالى، وقد سمَّى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَصْلَ الشَّعرِ زُورًا، كما في روايةٍ عن مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عند مسلِمٍ
وفي الحَديثِ: أنَّ وَصْلَ الشَّعرِ والوَشْمَ مِن الكَبائرِ