النهي عن الانتفاع بجلود السباع 2
سنن النسائي
أخبرني عمرو بن عثمان قال: حدثنا بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معديكرب قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير، والذهب، ومياثر النمور»
لقدْ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأُمَّتِه ما حلَّ وما حرُمَ على الرِّجالِ أو النِّساءِ من الزِّينةِ والرَّكائبِ وغيرِ ذلك؛ حتَّى يتَّقوا الحرامَ ويأخُذوا الحلالَ
وفي هذا الحديثِ يقولُ المِقْدامُ بنُ مَعْديكَرِبَ: "نَهَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الحريرِ والذَّهبِ"، وهذا النَّهيُ العامُّ مُخصَّصٌ بما ورد في الأحاديثِ المُتَّفقِ عليها بأنَّ الحريرَ والذَّهبَ مُحرَّمانِ على الرِّجالِ وليس على النِّساءِ، وإطلاقُ النَّهيِ يَشملُ استِعمالَ الحريرِ بالفَرشِ، وقد روَى التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أُحِلَّ الذَّهبُ والحريرُ على الإناثِ من أُمَّتي، وحُرِّمَ على ذُكورِها"؛ فظَهرَ بهذا أنَّ المقصودَ بالنَّهيِ هو نهيُ الرِّجالِ عن لُبسِ الذَّهبِ الخالِصِ والحريرِ الخالصِ
قال: "ومياثِرِ النُّمورِ"، أي: ونَهَى عن رُكوبِ المياثرِ المصنوعةِ من جُلودِ النُّمورِ، والمياثرُ فُرُشٌ كانتْ تَصنعُها العَجمُ؛ لتُوضَعَ تحتَ الرَّاكبِ على الدَّوابِّ مِثلَ السَّرجِ، وكانتْ تُصنعُ منَ الحريرِ وتُحشَى بالقُطنِ، قيل: إنَّما نَهَى عن استِعمالِ جِلدِه لِمَا فيه منَ الزِّينةِ والُخيلاءِ، ولأنَّه زِيُّ العجمِ، أو لأنَّها لا تُذكَّى غالبًا، أو لأنَّ الشَّعرَ نَجسٌ لا يَقبلُ الدِّباغَ