الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين الظهر والعصر 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا مفضل، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر، ثم ركب»
التَّيسيرُ أمرٌ ظاهرٌ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ؛ فهو الدِّينُ الخاتَمُ الذي جاء لخَيرِ الإنسانيةِ، مُراعيًا اختلافَ قُدراتِ البَشرِ وطبائِعِهم، ومِن مَعالِمِ هذا التَّيسيرِ مَشروعيَّةُ الجمْعِ بين الصَّلَواتِ في السَّفرِ
وفي هذا الحديثِ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا ارتَحَلَ، أي: إذا بَدَأ السَّفرَ، أو أرادَ التَّحرُّكَ أثناءَ السَّفرِ قبْلَ أنْ «تزيغَ الشمسُ» -وهو أنْ تَميلَ إلى جِهةِ المَغرِبِ، والمعْنى: قبْلَ أنْ يَبدَأَ وَقتُ الظُّهرِ- أَخَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الظُّهرَ إلى وَقتِ العصرِ، ثمَّ يَجمَعُ بيْنَ الظُّهرِ والعصرِ في وَقتِ صَلاةِ العصرِ
وقولُه: «زاغَتْ» أيْ: دخَلَ وَقتُ الظُّهرِ، صلَّى الظُّهرَ ثمَّ رَكِبَ، وظاهرُ الرِّوايةِ أنَّه لم يُصَلِّ معه العصْرَ. وفي حَديثِ أبي داودَ عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: «وإذا ارتَحَلَ بعْدَ زَيغِ الشَّمسِ صلَّى الظُّهرَ والعصْرَ جَميعًا، ثمَّ سار» وللجَمعِ بيْنَ كلِّ صَلاتَينِ طَرِيقتانِ حسَبَ ما يَتيسَّرُ؛
الأُولى: جمْعُ تَقديمٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ العَصْرَ معَ الظُّهرِ في وقْتِ الظُّهرِ، والعِشاءَ مع المَغرِبِ في وَقتِ المَغرِبِ، والثَّانيةُ: جَمعُ تَأخيرٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ الظُّهرَ مع العَصْرِ في وقْتِ العَصْرِ، ويُصلِّيَ المغرِبَ مع العِشاءِ في وقْتِ العِشاءِ، وهذا كلُّه مع قَصْرِ الصَّلَواتِ الرُّباعيَّةِ إلى رَكعتَينِ في السَّفَرِ؛ فتَكونُ الصَّلاةُ جمْعًا وقَصْرًا، وليس في صَلاةِ المَغربِ قَصْرٌ، وصَلاةُ الفجرِ تُصلَّى مُنفرِدةً ولا تُجمَعُ بغَيرِها، وكذا لا جمْعَ بيْن العصرِ والمغربِ، ومَن جَمَعَ بيْن الصَّلاتينِ لَزِمَه ألَّا يُطيلَ في الفصْلِ بيْنَهما، فإنْ طال الفصْلُ بيْنَهما لا يَجمَعُ ويُصلِّي الأخرى في وَقْتِها