امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب 3
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن خالد بن خلي قال: حدثنا بشر بن شعيب، عن أبيه، عن الزهري قال: أخبرني ابن السباق، عن ابن عباس قال: أخبرتني ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما واجما، فقالت له ميمونة: أي رسول الله لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم، فقال: «إن جبريل عليه السلام كان وعدني أن يلقاني الليلة، فلم يلقني، أما والله ما أخلفني» قال: فظل يومه كذلك ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت نضد لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح به مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل عليه السلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة» قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب، ولا صورة، قال: فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم فأمر بقتل الكلاب
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنهى عن التصاوِيرِ، ويأمرُ بإزالتِها أو تَغييرِ هَيئةِ الصُّورةِ؛ لتخرُجَ عن ذلك المسمَّى
وفي هذا الحَديثِ يقولُ زيدُ بنُ خالدٍ الجُهنيُّ: "فأتيتُ عائشةَ فقلتُ: إنَّ هذا يخبرُني"، يقصدُ أبا طَلحةَ الأنصاريَّ "أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لا تَدخُلُ الملائكةُ بيتًا فيه كلبٌ ولا تماثيلُ"، أي: تمتنِعُ الملائكةُ عندَ دُخولِ البيتِ الذي فيه كلبٌ أو تمثالٌ؛ "فهلْ سمعت رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكرَ ذلك؟"، أي: يقولُ هذا الحديثَ؟ فقالتْ عائشةُ رضيَ الله عَنها: "لا، ولكِنْ سأحدِّثكم ما رأيتُه فَعَلَ"، أي: لم تَسمعْ منه هذا الحَديثَ، ولكنَّها ستُخبرُه بفِعلِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما يتعلَّقُ بهذا الشَّأنِ، تقولُ: "رأيتُه خَرجَ في غَزاتِه"، أي: خرَجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى غَزوةٍ من غَزواتِه، "فأخذتُ نَمطًا فستَرتُه على البابِ"، أي: على بابِ الحُجرةِ، والنَّمَطُ: ثوبٌ من صُوفٍ يكون على الهوْدَجِ، وقيلَ: هو بِساطٌ ونوعٌ من الفُرشِ، "فلمَّا قدِمَ"، أي: النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فرأى النَّمطَ"، أي: رأى السِّترَ مُعلَّقًا على بابِ الحجرةِ "عرفتُ الكَراهيةَ في وجهِه"، أي: ظهرَ على وجهِه علاماتُ الغَضبِ، "فجذَبه حتَّى هتَكه أو قطَعه"، أي: أمسَكه فأزالَه مِن البابِ، وقالَ: "إنَّ اللهَ لم يأمُرْنا أن نَكسوَ الحِجارةَ والطِّينَ"، أي: يُريدُ الحائطَ والجدارَ الذي يُبسَط عليهِ ثيابٌ دونَ الحاجةِ إلى ذلكَ، قالت: "فقَطعْنا منه"، أي: صَنعْنا مِن النَّمَطِ، "وِسادَتينِ، وحَشَوْتُهما ليفًا"، أي: ليكونَا ليِّنتَينِ عند الجلوسِ أو الاتِّكاءِ عليهما، "فلمْ يعِبْ ذلك عليَّ"، أي: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَّها على ما فعلَتْه بالنمطِ، فقيلَ: إنَّه كان بهذا النَّمطِ بعضُ التصاويرِ التي كان يَنهى عنها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
في الحديثِ: إزالةُ المنكَر، والغَضبُ للهِ تعالى عند رُؤيتِه