باب أربع من كن فيه كان منافقا خالصا 1
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر غير أن في حديث سفيان وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق
النِّفاقُ هو إظهارُ المرءِ خِلافَ ما يُبطنُ، ويَنقسِمُ إلى نِفاقِ اعتقادٍ ونِفاقِ عَملٍ؛ أمَّا نِفاقُ الاعتقادِ فهو أنْ يُبطِنَ الإنسانُ الكُفرَ ويُظهِرَ الإسلامَ، وهذا صاحبُه مُخلَّدٌ في الدَّرْكِ الأسفلِ مِنَ النَّارِ ليس في عِداد الموحِّدِينَ، وأمَّا نِفاقُ العَملِ فصاحبُه مُوحِّدٌ غيرُ مُخلَّدٍ في النَّارِ.وفي هذا الحديثِ بَيَّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّفاقَ العمَليَّ، وذكَر فيه الخِصالَ المميِّزةَ له، فقال: أربعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافِقًا خالِصًا، فيكون شَديدَ الشَّبَهِ بالمُنافقين بسبَبِ هذه الخِصالِ، ومَن وُجِد فيه بعضُها، كان لدَيه مِن النِّفاقِ بقَدْرِ ما وُجِدَ فيه منها، حتَّى يَترُكَ هذه الخِصالَ؛ فالخَصلةُ الأُولى: أنْ يَشتهِرَ بالخيانةِ بيْن النَّاس، والخَصلةُ الثَّانيةُ: أنْ يَشتهِرَ بالكذِبِ في الحديثِ، والخَصلةُ الثَّالثةُ: إذا عاهَدَ أحدًا غدَرَ به، ولم يَفِ بالعهدِ الَّذي عاهَدَه عليه، والخَصلةُ الرَّابعةُ: الفُجورُ في الخُصومةِ، والمرادُ بالفُجورِ أنْ يَخرُجَ عنِ الحقِّ عمْدًا، حتَّى يَصيرَ الحقُّ باطلًا، والباطلُ حقًّا.
والمقصودُ مِن الحديثِ: أنَّ هذه الخِصالَ خِصالُ نِفاقٍ، وصاحبُها شَبيهٌ بالمُنافقين في هذه الخِصالِ، ومُتخلِّقٌ بأخلاقِهم، لا أنَّه مُنافقٌ يُظهِرُ الإسلامَ ويُبطِنُ الكُفرَ، فلم يُرِدِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالنِّفاقِ المذكورِ في الحديثِ النِّفاقَ الَّذي صاحبُه في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ، الَّذي هو أشدُّ الكفرِ، وإنَّما أراد أنَّها خِصالٌ تُشبِهُ معنى النِّفاقِ؛ لأنَّ النِّفاقَ أن يُظهِرَ المرءُ خِلافَ ما يُبطِنُ، وهذا المعنى مَوجودٌ في الكذِبِ، وخُلْفِ الوعدِ، والخِيانةِ، ومعنى قولِه: «كان مُنافِقًا خالصًا»، أي: خالِصًا في هذه الخِلالِ المذكورةِ في الحَديثِ فقطْ، لا في غيرِها.