باب ألبان الأتن
بطاقات دعوية
عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال:
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السبع.
قال الزهري: ولم أسمعه حتى أتيت الشام.
(712 - وزاد في رواية معلقة عن ابن شهاب قال: وسألته هل نتوضأ، أو نشرب ألبان الأتن (26)؛ أو مرارة السبع؟ أو أبوال الإبل؟ قال: قد كان المسلمون يتداوون بها، فلا يرون بذلك بأسا، فأما ألبان الأتن، فقد بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لحومها، ولم يبلغنا عن ألبانها أمر ولا نهي، وأما مرارة السبع؛ قال ابن شهاب: أخبرني أبو إدريس الخولاني: أن أبا ثعلبة الخشني أخبره، فذكر الحديث).
بَيَّن القُرآنُ الكريمُ ما أحَلَّ اللهُ عزَّ وجَلَّ لنا الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ والمطاعِمِ والمشارِبِ، وما حَرَّمه اللهُ عزَّ وجَلَّ من الخبائِثِ، كما فَصَّلَت السُّنَّةُ هذه الأحكامَ.
وفي هذا الحدِيثِ يقولُ أبو ثَعْلَبَةَ الخُشَنيُّ رضِيَ اللهُ عنه: «نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أكْلِ كلِّ ذي نابٍ منَ السَّبُعِ»، أي: أكْلِ لَحْمِ كلِّ حَيَوانٍ مُفتَرِسٍ يَأكُلُ لحومَ الحَيَواناتِ، والنَّابُ: هو السِّنُّ الَّتي يَعتمِدُ بها السَّبُعُ في جَرْحِ كلِّ ما يَعتدِي علَيه.
قال ابنُ شِهَاب الزُّهريُّ -وهو منَ التَّابعين-: «ولَم أسمَعْه حتَّى أتَيتُ الشَّأْمَ»، يعني: أنَّ هذا الحدِيثَ لَم يَسمَعْه مِن أهلِ الحِجازِ، وإنَّما سَمِعَه مِن أهلِ الشَّامِ.
وزاد اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، قال: حدَّثَني يُونُسُ، عنِ ابنِ شِهابٍ قال -أي: يُونُسُ بنُ يَزيدَ-: «وسأَلتُه» يقصِدُ ابنَ شِهَابٍ الزُّهريَّ: «هل نتوَضَّأُ أو نشرَبُ ألْبَانَ الأُتُنِ»، أي: ألْبانَ أُنثى الحِمارِ، «أو مَرَارَةَ السَّبُعِ»، أي: العُصارَةَ الصَّفراءَ الَّتي تكونُ بجَوْفِ كلِّ حيوانٍ منَ السِّباعِ، «أو أبْوالَ الإبِلِ؟» قال الزُّهريُّ: «قد كان المسلِمونَ يتداوَوْنَ بها»، أي: بأَبْوالِ الإبِلِ، والمُرَادُ بالمسلِمِينَ: الصَّحابَةُ رضِيَ اللهُ عنهم، فلا يرَوْنَ بشُرْبِ أبْوالِ الإبِلِ بأْسًا؛ «فأمَّا ألْبانُ الأُتُنِ: فقد بلَغَنَا أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهَى عن لُحومِها، ولَم يبلُغْنا عن ألْبانِها أمْرٌ ولا نَهيٌ»، أي: لَم يقُلْ بالحِلِّ أو التَّحرِيمِ، إلَّا النَّهيَ الَّذي في لُحومِ الحُمُرِ الأهلِيَّةِ، «وأمَّا مَرارَةُ السَّبُعِ؛ قال ابنُ شِهابٍ: أخبَرَني أبو إدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ، أنَّ» الصَّحابيَّ «أبا ثَعْلَبَةَ الخُشَنيَّ، أخبَرَه أنَّ رسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عن أكْلِ كلِّ ذي نابٍ منَ السَّبُعِ»، أي: إنَّ النَّهيَ الَّذي في لُحومِ السِّباعِ يَشمَلُ النَّهيَ عن مَرارَتِها أيضًا؛ فهي من لحْمِه.
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن أكلِ لُحومِ كلِّ حَيوانٍ يَأكُلُ اللَّحْمَ.
وفيه: بَيانُ ما في ألبانِ الإبلِ وأبوالِها مِن دَواءٍ للأمراضِ.
وفيه: بَيانُ أنَّ مِمَّا يُنهَى عنه مِن لُحومِ الحيواناتِ قدْ يَشمَلُ النَّهيُ في بَعضِها النَّهيَ عن الاستفادةِ، ويُنتَفَعُ بباقِي أجزاءِ جَسدِها، ومنها ما قد يكونُ النَّهيُ في لُحومِها فقطْ، ويُنتفَعُ ويُستفادُ مِن باقي أجْزائِها.