باب إباحة أكل لحوم الدجاج 3
سنن النسائي
أخبرنا إسماعيل بن مسعود، عن بشر هو ابن المفضل قال: حدثنا سعيد، عن علي بن الحكم، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن كل ذي مخلب من الطير، وعن كل ذي ناب من السباع»
كان التَّابعونَ رَحِمَهم اللهُ يُلازِمون أصحابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَياتَهم؛ لِيتعلَّموا مِنهم سُنَّةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ زَهْدَمٌ الجَرْمِيُّ: "أنَّ أبا موسى أتى بِدَجاجةٍ"، وفي رِوايةٍ للنَّسائيِّ: "فقَدَّم طعامَه وقدَّم في طَعامِه لَحمَ دَجاجٍ"، قال زَهْدَمٌ: "فتَنحَّى رجُلٌ منَ القومِ"، أيِ: اعتَزَل الأكْلَ، فقال له أبو موسى الأشعَريُّ رضيَ اللهُ عنه: "ما شأنُك؟"، أي: ما سَببُ امتِناعِك، فقال الرَّجلُ، وفي روايةٍ للنَّسائيِّ: "رجلٌ مِن بَني تَيْمِ اللهِ أحمَرُ، كأنَّه مولًى": "إنِّي رأيْتُها تأكُلُ شيئًا قَذرْتُه فحلَفْتُ ألَّا آكُلَه"، أي: إنَّه امتنَعَ عن أكلِ الدَّجاجِ لِمَا رأى مِنَ الدَّجاجِ أنَّه يأكُلُ ما قد يَأنَفُه ويَستقذِرُه، ويَحتمِلُ: أنَّه رأى دجاجةً بِعَينها تأكُلُ قَذْرًا فاعتَبَرها جلَّالةً فحَلَف على عُمومِ الدَّجاجِ، فقال أبو موسى رضي اللهُ عنهُ: "ادْنُ"، اقتَرِبْ منَ الطَّعامِ، "فكُلْ؛ فإنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأكُلُه"، أي: هذا الدَّجاجَ، "وأمَرَه أن يُكفِّرَ عن يَمينِه"، أي: وأمَر أبو موسى رَضِي اللهُ عنه الرَّجلَ أن يُكفِّرَ عن يَمينِهِ الَّتي كان قد حَلَفَها في الدَّجاجِ؛ وذلك لِمَا في روايةِ الصَّحيحَيْن من قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا أحلِفُ على يَمينٍ، فأرَى غَيرَها خيرًا مِنها، إلَّا أتيتُ الَّذي هو خيرٌ وتَحلَّلتُها"
قيل: إنَّ هذا الرجُلَ المذكورَ هوَ زَهْدَمٌ نَفسُه، وقد أبهَمَ نَفسَه في تلك الرِّوايةِ؛ ففي روايةِ التِّرمذيِّ: "عن زَهْدَمٍ الجَرميِّ، قال: دَخلتُ على أبي موسى وهوَ يأكُلُ دجاجةً فقال: ادْنُ فكُلْ؛ فإنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأكُلُه"، وقيل: بَل هما رَجلانِ امتَنَعا معًا، وقيل: بل هو رجلٌ واحدٌ يُنسَبُ إلى تَيمِ اللهِ وإلى جُرْمٍ، كما في روايةِ أحمَدَ: "عن رجُلٍ مِن بَني تيمِ اللهِ يُقال له: زَهدَمٌ"
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ أكْلِ الدَّجاجِ
وفيه: عَرضُ الطَّعامِ على مَن حضَره، ولو كان قليلًا؛ لأنَّ اجتماعَ الجَماعةِ على الطَّعامِ سَببٌ للبرَكةِ فيه