باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم
بطاقات دعوية
حدثنا ابن المثنى، أخبرنا وهب بن جرير، أخبرنا أبي قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير المصري، عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء: 29] فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا قال أبو داود: عبد الرحمن بن جبير مصري مولى خارجة بن حذافة، وليس هو ابن جبير بن نفير
كان النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوفا رحيما كما وصفه ربه الكريم في كتابه العظيم، ولا أدل على ذلك من سيرته مع الناس ومع أصحابه
وفي هذا الحديث يقول عمرو بن العاص رضي الله عنه "احتلمت"، أي: أصابتني جنابة "في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل"، وسميت هذه الغزوة بذلك؛ لأن المشركين ربط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، "فأشفقت"، أي: خفت، "إن اغتسلت" غسل الجنابة، "أن أهلك"، أي: أمرض أو أموت من شدة البرد، "فتيممت"، أي: مسحت وجهي ويدي بالتراب، "بدل الغسل"؛ لعدم القدرة على استعمال الماء، "ثم صليت بأصحابي الصبح"، أي: صلاة الصبح.
قال: "فذكروا ذلك"، أي: بعد رجوعهم من الغزو إلى المدينة "للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال"، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عمرو، صليت"، أي: أصليت "بأصحابك وأنت جنب؟"، أي: حال كونك جنبا، "فأخبرته"، أي: أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، "بالذي منعني من الاغتسال" وهو خوف الهلاك، "وقلت" مستدلا بالآية: "إني سمعت الله يقول: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم"؛ إقرارا لفهمه ولفعله، "ولم يقل شيئا"
وفي الحديث: بيان مظهر من مظاهر التخفيف الذي جاءت به الشريعة