باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة
بطاقات دعوية
حديث سلمة بن الأكوع عن يزيد بن أبي عبيد، قال: قلت لسلمة بن الأكوع: على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية قال على الموت
ليس من الإسلام في شيء البحث والتنقيب عن آثار الأنبياء والصالحين، وتعظيم الأماكن التي وقعت فيها الأحداث العظيمة
وفي هذا الحديث يحكي التابعي طارق بن عبد الرحمن البجلي أنه انطلق حاجا، فمر بقوم يصلون، فقال لهم: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، وقد كانوا جعلوا تحتها مسجدا يصلون فيه
فأخبر طارق سعيد بن المسيب بذلك، فقال له: إن أباه المسيب بن حزن رضي الله عنه حدثه أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وأنهم خرجوا من العام التالي للبيعة، فأنسوا موضع الشجرة ولم يعرفوه، فقال سعيد بن المسيب منكرا: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم! فأنتم أعلم منهم؟! قال هذا متهكما
وإنكار سعيد بن المسيب على من زعم أنه عرف موضع الشجرة معتمدا على قول أبيه أنهم لم يعرفوها في العام المقبل، لا يدل على نفي معرفتها أصلا؛ فقد وقع في صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قوله: «ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة»، فهذا يدل على أنه كان يضبط مكانها بعينه، وإذا كان في آخر عمره بعد الزمان الطويل يضبط موضعها، ففيه دلالة على أنه كان يعرفها بعينها، غير أن موضعها اندرس في عهد الصحابة، ولم يعد يعرف أحد موضعها على التحديد
ولعل اختفاء الشجرة من رحمة الله عز وجل، والحكمة في ذلك هو ألا يحصل بها افتتان بسبب ما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت لما أمن من تعظيم بعض الجهال لها، حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها نفعا أو ضرا، كما نراه اليوم مشاهدا فيما هو دونها!
وكانت بيعة الرضوان في العام السادس من الهجرة، في منطقة الحديبية، التي تبعد عن مكة قرابة 35 كيلومترا، وسببها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مع أصحابه قاصدين مكة لأداء العمرة، فنزل منطقة الحديبية، وأرسل إلى قريش يعلمهم أنه إنما جاء معتمرا، فرفضت قريش دخولهم مكة، ومنعتهم العمرة، وأشيع وقتها أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد قتل، وكان رسول الله قد أرسله ليفاوض أهل مكة، فاجتمع الصحابة حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على الموت في سبيل الله، فيما عرف ببيعة الرضوان، وانتهى الأمر بأن عقد النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية مع قريش، ومن ضمن ما اتفقوا عليه أن يرجع من عمرته في هذه السنة، ثم يرجع، فيعتمر في العام المقبل على أن تترك له قريش البيت الحرام ثلاثة أيام