باب اسم الله الأعظم2
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، حدثنا أبو خزيمة، عن أنس بن سيرين
عن أنس بن مالك، قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، المنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام. فقال: "لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب" (2)
في هذا الحديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي اللهُ عنه: "أنَّه كان مَع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم جالِسًا ورَجلٌ يُصلِّي، ثمَّ دعا: اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُك بأنَّ لك الحمْدَ لا إلهَ إلَّا أنتَ المنَّانُ"، أي: أنت كثيرُ العَطاءِ لخَلْقِك، "بَديعُ السَّمواتِ والأرضِ"، أي: خالِقُهما ومُنشِئُهما مِن العدَمِ، "يا ذا الجلالِ والإكرامِ"، أي: يا صاحبَ العظَمةِ والكبرياءِ، والإكرامِ، "يا حيُّ يا قيُّومُ"، أي: مَن يَقومُ بتَصْريفِ شؤونِ الخَلْقِ وتَدْبيرِها؛ فهَذه صِفاتُ الكَمالِ للهِ، وإقرارٌ بالعُبوديَّةِ والرُّبوبيَّةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "لقد دَعا اللهَ باسمِه العظيمِ الَّذي إذا دُعِي به أجابَ، وإذا سُئِل به أعطَى"، أي: إنَّ اسْمَ اللهِ الأعظمَ مَذكورٌ في هذا الدُّعاءِ، ولكنَّه لم يُحدِّدْ أيُّ اسمٍ هو مِن هذه الأسماءِ الَّتي ذُكِرَت، وقد يُرادُ به مُجمَلُ الدُّعاءِ. وقد اختُلِفَ في تَحديدِ اسمِ اللهِ الأعظمِ، ولعلَّ أقرب الأقوال أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمَ هو (الله)؛ لأنَّه الاسمُ الوحيدُ الذي يوجد في كلِّ النصوصِ التي جاءَ أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمِ ورَدَ فيها، وأيضًا لأنَّه الاسمُ الجامعُ لِلهِ عزَّ وجلَّ الذي يَدلُّ على جَميعِ أسمائِه وصِفاتِه، وقيل: أرجحُ الرِّواياتِ مِن حيثُ السَّندُ هي: "اللهُ لا إلهَ إلَّا هو الأحدُ الصَّمدُ، الذي لم يَلِدْ، ولم يُولَدْ، ولم يكُنْ له كُفوًا أحدٌ"، وقيل: اسمُ اللهِ الأعظمُ هو: "الحيُّ القيُّوم"، وقيل: هو في هاتَينِ الآيتَينِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]، وفاتحةُ آل عمران: {الم* اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 1-2]؛ فيكونُ ذلك مِن اختلافِ التنوُّعِ، وقيل غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ للهِ تعالى اسمًا أعْظمَ، وبيانُ فَضلِ الدُّعاءِ والتَّوسُّلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ باسمِه الأعظمِ، وأنَّه إذا دُعي به أجابَ