باب الإشارة في الخطبة
سنن النسائي
أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن حصين، أن بشر بن مروان، رفع يديه يوم الجمعة على المنبر، فسبه عمارة بن رويبة الثقفي، وقال: «ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا»، وأشار بإصبعه السبابة
كانَ الصَّحابَةُ رِضوانُ اللهِ عليهِم لا تَأخُذُهم في اللهِ لَومةُ لائمٍ، ولا تَمنَعُهم هَيْبةُ النَّاسِ أنْ يَقولوا الحقَّ إذا شَهِدُوهُ أو عَلِموهُ، ولو كانَ صاحبُ المُنكَرِ ذا وَجاهةٍ، ومِن ذلكَ
ما في هذا الحَديثِ؛ فقدْ أنكَرَ عُمارةُ بنُ رُؤَيبةَ رَضِي اللهُ عنه على بِشْرِ بنِ مَرْوانَ بنِ الحكَمِ بنِ أبي العاصِ بنِ أُميَّةَ الأُمويِّ المدَنيِّ -أحدُ أُمراءِ بَني أُميَّةَ- أنَّه رَفَعَ يَدَيه في خُطبةِ الجُمعةِ وهو على المِنبَرِ يَدْعو، كما في روايةِ أبي داودَ، فقالَ عُمارةُ رَضِي اللهُ عنه: «قبَّحَ اللهُ هاتَينِ اليَدَينِ» اللَّتينِ رُفِعتا عندَ الدُّعاءِ على خِلافِ السُّنَّةِ، والظَّاهرُ أنَّه دُعاءٌ عليه لمُخالفتِه فعْلَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في ذلكَ، وقيل: إخبارٌ عن قُبحِ صُنعهِ، ثمَّ أخبَرَ أنَّه رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لم يَزِدْ على الإشارةِ في الخُطبَةِ بالمُسبِّحةِ أثناءَ الدُّعاءِ، يعني: أنَّه أشار بها كما يَرفَعُها في التَّشهُّدِ، والمُسبِّحةُ هي الإصبعُ الَّتي تَلِي الإبهامَ، وسُمِّيت مُسبِّحةً؛ لكونِها يُشارُ بها عند التَّوحيدِ والتَّسبيحِ، وسُمِّيَت أيضًا بالسَّبَّابةِ؛ لجَرَيانِ عادةِ النَّاسِ بالإشارةِ بها عن السَّبِّ
وفي الحَديثِ: أنَّ الخطيبَ في الجُمعةِ لا يَرفَعُ يدَه عندَ الدُّعاءِ في الخُطبةِ