باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج 4
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق
عن عبد الله بن مسعود، قال: والله لمن شاء لاعناه، لأنزلت سورة النساء القصرى بعد {أربعة أشهر وعشرا} [البقرة: 234] (4).
كان عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه مِن أَفقهِ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم جميعًا؛ فكان يُوضِّحُ للصَّحابةِ والتَّابعينَ ما خَفِيَ عليهم مِن فِقهِ الكتابِ والسُّنَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ ابنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه: "مَن شاءَ لاعَنْتُه"، واللِّعانُ هو دُعاءُ أحدِ طَرَفَيِ النِّزاعِ بأن يلعَنَ اللهُ الآخَرَ، "ما أُنزِلَتْ: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]"، أي: لم تنزِلْ تلك الآيةُ، وهي في عِدَّةِ الحاملِ المُتوفَّى عنها زوجُها، إلَّا بعدَ آيةِ المُتوفَّى عنها زوجُها"، وهي قولُه تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، قال ابنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه: "إذا وضَعَتِ المُتوفَّى عنها زَوجُها، فقد حلَّتْ"، أي: إنَّ عِدَّةَ الحاملِ المُتوفَّى عنها زَوجُها هي وَضْعُ الحَمْلِ؛ لِمَا نَصَّتْ عليه الآيةُ الأُولى، وهي ناسِخةٌ لحُكْمِ الحاملِ في الآيةِ الثَّانيةِ؛ قلَّتْ أو طالَتِ المدَّةُ؛ وذلك أنَّ البَعضَ كان يقولُ: إنَّ عِدَّةَ الحاملِ آخِرُ الأجَلينِ، وعنده تكونُ قضَتْ عِدَّتَها. وفي روايةٍ قال ابنُ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه عندما أُخبِرَ بذلك: "أتجعَلونَ عليها التَّغليظَ، ولا تجعَلونَ عليها الرُّخصةَ؟"، والمرادُ بـ "التَّغليظ": طولُ العِدَّةِ بالحملِ إذا زادَتْ مدَّتُه على مدَّةِ الأشهُرِ، وقد يمتدُّ أكثرَ مِن تسعةِ أشهُرٍ ولا يُحكَمُ بانقضاءِ عدَّتِها ما لم تضَعْ، والمرادُ بـ "الرُّخصةِ": إذا وضعَتْ لأقَلَّ مِن أربعةِ أشهُرٍ وعَشْرٍ، ومرادُ ابنِ مسعودٍ: أنَّكم إذا ألزَمْتُموها هذا التَّغليظَ، فاجعَلوا لها أيضًا الرُّخصةَ.
وفي الحديثِ: بيانُ فِقهِ ابنِ مَسعودٍ.
وفيه: بيانُ الأحكامِ العامَّةِ والخاصَّةِ في القُرْآنِ .