باب الرهن مركوب ومحلوب
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن زكريا، عن الشعبي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الظهر يركب إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب، نفقته" (1).
ضَبَط الإسلامُ عُقودَ المُعامَلاتِ بيْن النَّاسِ؛ حتَّى يَحفَظَ علَيهم أموالَهُم ومَصالِحَهم، فلا يَبْغي أحدٌ على أحدٍ.
وفي هذا الحديثِ يَذكُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حالَ الدَّابَّةِ والأنعامِ المَرهونةِ، والرَّهْنُ هو استِيثاقٌ للدَّيْنِ بالعَينِ المَرهونةِ، فمَثلًا إذا اقتَرَض إنسانٌ مالًا، فللدَّائِنِ أنْ يَطلُبَ رَهْنًا يكونُ ضَمانًا لهذا الدَّينِ، بحيثُ إذا لم يُؤَدِّ المَدِينُ الدَّيْنَ أخَذَ الدائنُ دَيْنَه مِن هذا الرَّهْنِ.
فيُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الدَّابَّةَ إذا رُهِنَتْ، فإنَّه يَجُوزُ لِلمُرتَهِنِ أنْ يَركَبَها، ولكنْ عليه أجْرُ هذا الانتِفاعِ، وكذلك يَشرَبُ مِن لَبَنِ الدَّابَّةِ المَرهونةِ مُقابِلَ النَّفقَةِ، والمرادُ بالنَّفقةِ: عَلْفُها وما تَحتاجُ إليه فتْرةَ بَقائِها عنده.
وقولُه: «وعلَى الَّذي يَرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ» يَشمَلُ المُرتهِنَ أو غيرَه ككَونِها وَديعةً؛ فإنَّ له الرُّكوبَ والحلْبَ إذا أنْفَقَ عليها.
وفي الحديثِ: المُرتَهِنُ يَستفيدُ مِن المَرهونِ في مُقابلِ ما يَحتاجُ إليه مِن النَّفَقةِ.
وفيه: أنَّ ما لا يَحتاجُ إلى نَفَقةٍ لا يَجوزُ الانتفاعُ به، كالثَّوبِ والأرضِ.