باب السجود في الفريضة
سنن النسائي
أخبرنا حميد بن مسعدة، عن سليم وهو ابن أخضر، عن التيمي قال: حدثني بكر بن عبد الله المزني، عن أبي رافع قال: صليت خلف أبي هريرة صلاة العشاء يعني العتمة «فقرأ سورة إذا السماء انشقت فسجد فيها». فلما فرغ قلت: يا أبا هريرة هذه - يعني سجدة - ما كنا نسجدها. قال: «سجد بها أبو القاسم صلى الله عليه وسلم وأنا خلفه» فلا أزال أسجد بها حتى ألقى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أحرَصَ الناسِ على الاقتداءِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واقتفاءِ أثَرِه، ولُزومِ ذلك حتَّى المَماتِ
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو رافِعٍ الصائغ أنَّه صلَّى مع أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عنه «العَتمةَ»، وهي صَلاةُ العِشاءِ؛ لأنَّها تُصلَّى في ظُلمةِ اللَّيلِ.وقد ورَدَ النَّهيُ عن تَسميةِ العِشاءِ بالعَتَمةِ، كما في حَديثِ مُسلمٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهمَا، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تَغلِبَنَّكُم الأعْرابُ على اسْمِ صَلاتِكُم، هِي العِشاءُ، ألَا إنَّهُم يُعتِمُونَ بالإبِلِ»؛ فلعلَّ أبا رافعٍ لم يَرَ في النَّهيِ ما يدُلُّ على التَّحريمِ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَمَّاها «عَتَمةً» في حَديثٍ آخَرَ، كما في حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه في الصَّحيحَينِ، وقد قيل في ذلك: لأنَّهم كانوا يُسمُّون صَلاةَ المغرِبِ بالعِشاءِ، وصَلاةَ العِشاءِ بالعَتَمةِ تَسميةً بالوقْتِ، فاقْتَضى ذلك التَّوضيحُ بلِسانِهم أحيانًا. وقيل: استَخْدَمَها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لبَيانِ عدَمِ الحرَجِ في ذِكرِها لكنَّه خِلافُ الأَوْلى
فقَرَأَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه سُورةَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، فسَجَدَ عندَ قولِه تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21]، فسَألَه أبو رافِعٍ عن حُكمِها، فأجابَه بأنَّه سَجَدَ خلْفَ أبي القاسمِ –وهي كُنيةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- هذه السَّجدةَ، فلا يَزالُ يَسجُدُها مُدَّةَ حَياتِه حتى يَلقاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي الحديثِ: ثُبوتُ سَجدةِ التِّلاوةِ في سُورةِ الانشقاقِ
وفيه: مَشروعيَّةُ سُجودِ التِّلاوةِ للمُصلِّي
وفيه: فَضيلةُ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه وحِرصُه على الثَّباتِ على هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ