باب الصلاة على الجنازة فى المسجد
حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا ابن أبى فديك عن الضحاك - يعنى ابن عثمان - عن أبى النضر عن أبى سلمة عن عائشة قالت والله لقد صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابنى بيضاء فى المسجد سهيل وأخيه.
كان الصحابة رضي الله عنهم أشد الناس حرصا على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما استدركوا على بعضهم البعض ما يشكل عليهم من المسائل
وفي هذا الحديث تخبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه أنه لما توفي الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وكان قد مات بقصره في منطقة العقيق بالمدينة على عشرة أميال من المدينة، وذلك سنة خمس وخمسين من الهجرة، على المشهور، وحمل إلى المدينة على أعناق الرجال ليدفن بالبقيع؛ مدافن أهل المدينة، وذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وكان مروان بن الحكم حينئذ واليا على المدينة، فأرسلت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لمن يحملونه وطلبوا منهم أن تدخل الجنازة -وهي اسم للميت في النعش- إلى المسجد النبوي؛ ليصلي عليه أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية لمسلم أن الذي أمر بذلك عائشة رضي الله عنها، فأدخلت الجنازة في المسجد، ووضعت أمام حجرات أمهات المؤمنين فصلين عليه صلاة الجنازة، ثم بعد الانتهاء من الصلاة أخرج من باب الجنائز، والمراد به: الباب المعد في المسجد لخروج الجنائز، أو أن هذا الباب لكثرة خروج الجنازات منه -لقربه من جهة البقيع- سمي بذلك، والذي كان موضعه قريبا من المقاعد، كانت تقع خلف الجدار الشرقي من المسجد النبوي في شرق الحجرة الشريفة بحيث كان الإمام إذا قام على الجنائز هناك، كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه. وقيل: المقاعد هو موضع عند باب المسجد للقعود فيه للحوائج والوضوء والاستراحة، وقيل: كانت حجارة بقرب دار عثمان يقعد عليها رضي الله عنه، وقيل: هي الدرج، فبلغ عائشة رضي الله عنها أن الناس عابوا دخول الجنازة إلى المسجد للصلاة عليها؛ وذلك لما عهدوه أن يصلوا على جنائزهم في الخلاء خارج المسجد، فقالت عائشة رضي الله عنها متعجبة: «ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به!»، أي: ما أسرع ما نسوا السنة، وقيل: ما أسرعهم إلى الطعن والعيب، وقيل: إلى إنكار ما لا يعلمون من حكم إدخال الجنازة المسجد؛ ولذلك عابوا علينا أن يمر بجنازة في المسجد، ثم استشهدت عائشة رضي الله عنه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء»، أي: على جنازته، وسهيل رضي الله عنه كان ممن هاجر الهجرتين: إلى الحبشة والمدينة، وشهد بدرا وأحدا، ومات رضي الله عنه بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك سنة تسع. «إلا في جوف المسجد» وداخله، وهذا يدل على أن صلاة الجنازة في المسجد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان قليلا، ولكنه يدل على الإباحة
وفي الحديث: فضل علم عائشة رضي الله عنها
وفيه: الصلاة على الجنائز خارج المسجد وداخله
وفيه: صلاة النساء على الجنائز
وفيه: أن السنة لا تترك لإنكار بعض الناس لها جهلا، بل ينبغي إظهارها للناس، وتعليم الجاهلين بها