باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم
بطاقات دعوية
حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن كان في شيء، ففي المرأة، والفرس، والمسكن "
جاء الإسلام ليهدم معتقدات الجاهلية ويبني للمسلم العقيدة الصحيحة المبنية على صحة التوحيد، وقوة اليقين، والابتعاد عن الأوهام والخيالات التي تعبث بالعقول
ويبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه لا «عدوى»، وهي مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره، والمعنى: أنها لا تؤثر بطبعها، وإنما يحدث هذا بقدر الله وتقديره، وكانوا يظنون أن المرض بنفسه يعدي، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل هو المتصرف في الكون؛ فهو الذي يمرض وينزل الداء
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا بأنه «لا طيرة»، وهي التشاؤم، وكان أهل الجاهلية إذا خرجوا لحاجة لهم من سفر أو تجارة، فإذا شاهدوا الطير يطير عن يمينهم استبشروا به، وإذا طار عن يسارهم تشاءموا به ورجعوا؛ فجاء الشرع بالنهي عن ذلك؛ إذ ليس له حقيقة تعتقد وتعتمد، وإنما هو محض خيال بتعاطي ما لا حقيقة ولا أصل له؛ إذ لا نطق للطير ولا تمييز له حتى يستدل بفعله على أمر ما
ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشؤم في ثلاث، بمعنى: أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها، فيقع الشؤم في المرأة بألا تلد وأن تكون لسناء، أو غير صالحة، ويقع الشؤم في الدار بأن تكون ضيقة سيئة الجيران، وكونها بعيدة من المسجد لا يسمع منها الأذان، ويقع الشؤم في الدابة بألا يغزى عليها. ولهذه الأشياء الثلاثة أهمية عظمى، وأثر كبير في حياة الإنسان؛ فإن كانت المرأة ملائمة لزوجها خلقا، متفاهمة معه، مخلصة له، مطيعة وفية، وكانت الدار صحية، واسعة، مناسبة له ولأسرته، وكانت الدابة وما في معناها مما يركب مثل السيارة، قوية مريحة- ارتاح الإنسان في حياته، وشعر بالسعادة، وأحس بالاطمئنان والاستقرار النفسي. وأما إذا كانت الزوجة غير صالحة، أو الدار غير مناسبة، أو الفرس أو السيارة غير مريحة؛ فإن الإنسان يشعر بالتعاسة والقلق، ويتعب تعبا جسميا ونفسيا معا. وقيل: الشؤم في هذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم وتطير بها، أما من توكل على الله، ولم يتشاءم، ولم يتطير؛ لم تكن مشؤومة عليه، ويدل عليه حديث ابن حبان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطيرة على من تطير»