باب القراءة في المغرب 1
بطاقات دعوية
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قالَ: إنَّ أمَّ الفَضلِ سمِعَتهُ وهو يَقرأُ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، فقالتْ: يا بُنيَّ! واللهِ لقد ذكَّرْتني بقراءتِكَ هذه السُّورةَ، إنها لآخِرُ ما سَمِعتُ من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ بها في المَغربِ. (وفي روايةٍ: ثم ما صَلَّى لنا بَعْدَها حتى قَبَضَهُ اللهُ).
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطيلُ القِراءةَ في بعضِ الصَّلَواتِ، ويُقصِّرُها في بعضِها؛ مراعيًا الأحوالَ والأوقاتَ، وقد وردَتْ بذلك الأحاديثُ مُبيِّنةً هَدْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في كلِّ صَلاةٍ.
وهذا الحديثُ فيه بيانُ هَديِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قِراءتِه في صلاةِ المغربِ؛ حيثُ قرَأ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما سورةَ المُرسَلاتِ، فسَمِعَتْه أمُّه أمُّ الفضلِ وهي لُبابةُ بنتُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنها، زوجةُ العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلِبِ رَضيَ اللهُ عنه، فقالت له: يا بُنَيَّ -بصيغةِ الشَّفقةِ، وهي تصغيرُ كلمةِ ابْنٍ- لقد ذكَّرْتَني بقِراءتِك لِسورةِ المُرسَلاتِ أنَّها آخِرُ سورةٍ سمِعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقرأُ بها في صلاةِ المغربِ. وقد رَوى التِّرْمِذيُّ بسَنَدِه عن أمِّ الفضلِ رَضيَ اللهُ عنها قالت: خرَج إلينا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو عاصِبٌ رأسَه في مرَضِه، فصلَّى المَغرِبَ، فقرَأ بالمُرسَلاتِ، فما صلَّاها بعْدُ حتَّى لَقيَ اللهَ عزَّ وجلَّ. والسُّنَّةُ في صلاةِ المغربِ تقصيرُ القِراءةِ، وقد ورَد في ذلك الكثيرُ مِن الآثارِ الَّتي تدُلُّ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا يُطيلُ القراءةَ في المغربِ، إلَّا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان أحيانًا يُطِيلُ، كما ذكَرَتْ أمُّ الفضلِ رَضيَ اللهُ عنها في هذا الحديثِ.وقد ورَد عنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قرَأ في المغربِ بسورةِ الأعرافِ كما في البُخاريِّ مِن حديثِ زَيدِ بنِ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه، وبسُورةِ الطُّور كما في البُخاريِّ أيضًا مِن حَديثِ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضيَ اللهُ عنه. وهذا كلُّه يدُلُّ على أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانت له في إطالةِ القيامِ أحوالٌ بحسَبِ الأوقاتِ، وهذا الحديثُ الَّذي نحنُ فيه جرَى في بعضِ الأوقاتِ.
وفي الحديثِ: بيانُ هَديِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قِراءتِه في صلاةِ المَغربِ.