باب القراء من أصحاب النبي 1
بطاقات دعوية
عن شقيق بن سلمة قال: خطبنا عبد الله بن مسعود فقال: والله؛ لقد أخذت من فى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعا وسبعين سورة، والله؛ لقد علم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنى من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم. قال شقيق: فجلست فى الحلق، أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك.
حَرَص الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على تَلقِّي القرآنِ الكريمِ مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُباشَرةً ولازَموه لذلك، وتفاوتت أقدارُهم في هذا الشَّأنِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعودٍ رضِيَ اللهُ عنه أَنَّه تَلَقَّى مِن فَمِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دونَ واسِطةٍ بِضعًا وسَبْعينَ سُورةً من القُرآنِ، والبِضْعُ: ما بيْن الثَّلاثةِ والتِّسعةِ.
والذي حمَلَه على قَوْلِ ذلك هو ما أَمَرَ به عَثْمانُ رضِيَ اللهُ عنه مِنْ جَمْعِ القرآنِ في مُصْحَفٍ واحدٍ على رَسْمٍ وَاحدٍ، وكان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم عَزَموا على كِتابةِ المُصحفِ بلُغةِ قُريشٍ، وعيَّنوا لذلك أربعةً لم يكُنْ منهم ابنُ مسعودٍ، مع أنَّه أسبَقُهم لحِفْظِ القُرآنِ، ومِن أعلَمِهم به، كما شَهِدوا له بذلك، غيرَ أنَّه رضِيَ اللهُ عنه كان هُذَلِيًّا، وكانتْ قِراءتُه على لُغةِ هُذيلٍ، وبيْنها وبيْن لُغةِ قُريشٍ تَباينٌ عَظيمٌ؛ فلذلك لم يُدْخِلوه معهم، فَساءَه ذلك فقال ما قال، ثُمَّ أكَّد مَقولتَه بأنَّ الصَّحابةَ رضِي اللهُ عنهم عَلى عِلمٍ بأَنَّهُ مِنْ أَعلمِهم بِكتابِ اللهِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالةَ نَفْسِه تواضُعًا ونفيًا للفَخرِ والإعجابِ، فقال: «وما أنا بِخيْرِهم»، يعني: ما أنا بأَفْضَلِ الصَّحابةِ؛ إذْ لا يلزمُ مِن زيادةِ الفَضلِ في صِفةٍ مِن صِفاتِه الأفضليَّةُ المُطلَقةُ.
وفي الحديثِ: ذِكْرُ الإنسانِ نَفْسَه بالفضيلةِ؛ لِلحاجةِ، وليس للتَّزكيةِ والفَخْرِ والإعجابِ.