باب المدينة تنفي شرارها
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب، وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد
المدينة النبوية بقعة من الأرض مباركة، طهرها الله من الأدناس، واختارها لتكون مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، وحاضنة دعوته، وأساس دولته
وفي هذا الحديث يذكر أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الله قد أمره بالهجرة من مكة إلى قرية تأكل القرى، أي: تغلبهم، وكنى بالأكل عن الغلبة؛ لأن الآكل غالب على المأكول، فقد انطلقت الجيوش منها، فغلب أهلها على سائر البلاد ونصر الله دينه بهم، وفتح القرى عليهم، أو المراد أن أكلها وطعام أهلها من عائد غزو القرى، وإليها تساق غنائمها، أو المراد أن الإسلام ابتداؤه في المدينة، ثم يغلب على سائر القرى، ويعلو سائر الملك
ثم ذكر صلى الله عليه وسلم أن بعض الناس -يعني المنافقين- يسمونها: يثرب، وكأنه كره هذا الاسم، فذكر أن الاسم المحبب له هو المدينة، وسماها صلى الله عليه وسلم أيضا طيبة، كما في الصحيحين من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وطابة، كما في الصحيحين من حديث أبي حميد رضي الله عنه. وكراهة اسم يثرب؛ لأنه من التثريب، وهو المؤاخذة والعقاب، أو من الثرب، وهو الفساد، ولأنه الاسم الذي كان في الجاهلية، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم تغيير الاسم القبيح
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وهي المدينة»، أي: الكاملة على الإطلاق، أي: هي المستحقة لأن تتخذ دار إقامة، فالتركيب يدل على التفخيم. وأما تسميتها في القرآن بيثرب فإنما هو حكاية عن المنافقين
ثم ذكر أنها تخرج عنها شرار الناس، فلا يتحملون المقام بها، وإنما يتحمل المقام بها المؤمنون الصالحون؛ فإنها لا تترك فيها من في قلبه دغل وفساد، بل تميزه عن القلوب الصادقة وتخرجه، كما تميز النار رديء الحديد من جيده، والكير: هو الجلد الذي ينفخ به الحداد على النار. قيل: إن المراد هنا بعض من كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين، وإلا فبعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج منها كثير من الصالحين والأفاضل، وبقي فيها بعض الطالحين والفاسدين. أو المراد بذلك: إخراج المنافقين منها عند ظهور المسيح الدجال؛ كما في صحيح مسلم: «لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد»
وفي الحديث: بيان فضل المدينة
وفيه: علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم