باب المرأة تتصدق من بيت زوجها.
حدثنا محمد بن سوار المصرى حدثنا عبدة عن عبد الملك عن عطاء عن أبى هريرة فى المرأة تصدق من بيت زوجها قال لا إلا من قوتها والأجر بينهما ولا يحل لها أن تصدق من مال زوجها إلا بإذنه. قال أبو داود هذا يضعف حديث همام.
( قَالَ لَا ) : أَيْ لَا يَحِلُّ لَهَا التَّصْدِيقُ ( إِلَّا مِنْ قُوتِهَا ) : أَيْ مِنْ قُوتِ نَفْسِهَا وَهُوَ مَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ لِتَأْكُلَ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ . لَكِنْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ : لَا تُنْفِقِ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الطَّعَامُ ، قَالَ : ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا ، وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ
فَإِنْ قُلْتَ : أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ جَاءَتْ مُخْتَلِفَةً فَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْمَرْأَةِ أَنْ تُنْفِقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ ، وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ الْمَذْكُورُ ، وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهَا فِي ذَلِكَ وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمَذْكُورُ ، وَمِنْهَا مَا قُيِّدَ فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الْإِنْفَاقِ بِكَوْنِهِ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَبِكَوْنِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ ، وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ ، وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَمِنْهَا مَا قُيِّدَ الْحُكْمُ فِيهِ بِكَوْنِهِ رَطْبًا ، وَهُوَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
قُلْتُ : كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ الْبِلَادِ ، وَبِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجِ مِنْ مُسَامَحَتِهِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ أَوْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ ، وَبِاخْتِلَافِ الْحَالِ فِي الشَّيْءِ الْمُنْفَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا يُتَسَامَحُ بِهِ ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَطَرٌ فِي نَفْسِ الزَّوْجِ يَبْخَلُ بِمِثْلِهِ ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَطْبًا يُخْشَى فَسَادُهُ إِنْ تَأَخَّرَ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُدَّخَرُ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْفَسَادُ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ . ( وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا ) : أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا ) : أَيْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَوْقُوفُ ( يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامِ ) : بْنِ مُنَبِّهٍ . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَالْأَكْثَرُ عَنْهَا خَالِيَةً
قُلْتُ : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَوِيٌّ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ ، اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاجِهِ ، لَيْسَ فِيهِ عِلَّةٌ فَكَيْفَ يُضَعِّفُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الَّذِي هُوَ مَوْقُوفٌ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُمْكِنٌ بِمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ، وَهُوَ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ ، فَلَا يَحِلُّ لَهَا وَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ ، هَذَا مَعْنَى رِوَايَتِهِ الْمَوْقُوفَةِ وَيَحْصُلُ لَهَا نِصْفُ الْأَجْرِ إِنْ كَانَ التَّصَدُّقُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَلَا يَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا الْقَدْرِ وَغَيْرِهِ ، وَهَذَا مَعْنَى رِوَايَتِهِ الْمَرْفُوعَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ