باب: الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها
بطاقات دعوية
حديث أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يبرح الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خالق كل شيء، فمن خلق الله
الإيمان بالله سبحانه يتطلب قلبا واعيا وتسليما وانقيادا كاملا لله؛ لأن كثيرا من الأمور الغيبية وغيرها لا يمكن للعقل أن يدركها، وربما يتشكك الإنسان ويعتريه الفكر السقيم، وهنا لا بد للمؤمن أن يرجع سريعا إلى إيمانه بالله وما قاله عن نفسه عز وجل
وفي هذا الحديث يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم ماذا نفعل إذا جاءنا هذا الوسواس من الشيطان؛ فأخبرنا أن الناس سيظلون يسأل بعضهم بعضا، أو تحدثهم أنفسهم بالوسوسة، حتى يصل بهم التساؤل وينتهي بهم الحال إلى أن يقولوا: «هذا الله خالق كل شيء»، كأن يتساءل: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ من خلق الجبال؟ من خلق الإنسان؟ ويجيب الإنسان دينا وفطرة وعقلا بقوله: «الله»، وهذا جواب بدهي صحيح وحق وإيمان، ولكن الشيطان لا يقف عند هذا الحد من الأسئلة والوساوس، بل ينتقل من سؤال إلى سؤال، حتى يقول: «فمن خلق الله؟!» وهذا من التشكيك في الله سبحانه، وكأنه أراد أن يجري على الخالق سبحانه صفات المخلوقات، وأنه لا بد له من خالق وموجد أعلى منه، تعالى الله عما يوسوس به الشيطان علوا كبيرا، وفي عصرنا الحاضر وقعت مثل هذه الأسئلة كثيرا، وهي مشاهدة ومسموعة للجميع، وهذه أسئلة يلقيها الشيطان؛ ليشكك المؤمن في عقيدته ودينه. فإذا قال الناس ذلك فموقف المؤمن أن يعود إلى الله، ومن عرض هذا التساؤل على خاطره فليستعذ بالله، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته»، أي: عن التفكر في هذا الخاطر الباطل، والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها، وفي مسلم: «فليقل آمنت بالله، وفي أخرى له: «ورسله»، وعند أبي داود: «فليقل: آمنت بالله، قال: فإذا قالوا ذلك، فقولوا: {قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص:1-4] ثم ليتفل عن يساره ثلاثا، وليستعذ من الشيطان»؛ وذلك ليطرد عنه وساوس الشيطان، فذكر الله بصفاته منبه على أن الله تعالى لا يجوز أن يكون مخلوقا؛ فهو "أحد" لا ثاني له ولا مثل له، فلو فرض مخلوقا لم يكن أحدا على الإطلاق
والحكمة في ذلك أن العلم باستغناء الله تعالى عن كل ما يوسوسه الشيطان أمر ضروري لا يحتاج للاحتجاج والمناظرة، فإن وقع شيء من ذلك فهو من وسوسة الشيطان، وهي غير متناهية؛ فمهما عورض بحجة يجد مسلكا آخر من المغالطة والاسترسال، فيضيع الوقت إن سلم من فتنته، فلا تدبير في دفعه أقوى من الالتجاء إلى الله تعالى بالاستعاذة به، كما قال تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} [الأعراف: 200]
وفي الحديث: أن الشيطان يتربص بابن آدم حتى يوقعه في الشر والكفر
وفيه: تحذير من الاسترسال مع الأسئلة الوجودية التي تؤدي إلى الكفر