باب الوصية بالنساء
حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا
في هذا الحديث يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى التحلي بالآداب والأخلاق التي تزيد الألفة والمودة بين المسلمين، ومنها: عدم إيذاء الجار؛ فيقول: من كان يؤمن بالله الذي خلقه إيمانا كاملا، ويؤمن باليوم الآخر الذي إليه معاده، وفيه مجازاته بعمله؛ فلا يؤذ جاره بأي نوع من الإيذاء، بل حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار، كما ثبت في الروايات
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي الرجال بمعاشرة أهله بالمعروف مما أمر به الإسلام، ولما كان في خلق النساء عوجا بأصل خلقتهن، نبه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فقال: «استوصوا بالنساء خيرا»، يعني: تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن؛ «فإن المرأة خلقت من ضلع»، جمعه ضلوع، وهي عظام الجنبين، والمعنى: أن في خلقهن عوجا من أصل الخلقة، «وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه»، فوصفها بذلك للمبالغة في وصف الاعوجاج، وللتأكيد على معنى الكسر؛ لأن تعذر الإقامة في الجهة العليا أمره أظهر، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك مثلا لأعلى المرأة؛ لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها، وهو الذي ينشأ منه الاعوجاج، وقيل: «أعوج» هاهنا من باب الصفة، لا من باب التفضيل؛ لأن أفعل التفضيل لا يصاغ من الألوان والعيوب، «فإن ذهبت تقيمه كسرته»، يعني: إذا أردت أن تقيم الضلع وتجعله مستقيما فإنه ينكسر، وكذلك المرأة إن أردت منها الاستقامة التامة في الخلق، أدى الأمر إلى كسرها، وكسرها هو طلاقها، كما في صحيح مسلم، «وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء»، يعني: أنه لا سبيل إلا بالصبر على هذا الاعوجاج، فيجب الصبر عليه والإحسان إليهن، وحسن معاشرتهن مع ذلك