باب: بدء الوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بطاقات دعوية
حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، قال وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه، فرجعت، فقلت: زملوني، فأنزل الله تعالى (يأيها المدثر قم فأنذر) إلى قوله: (والرجز فاهجر) فحمي الوحي وتتابع
في هذا الحديث يخبر جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث الناس عن فترة الوحي، والمقصود بها: مدة احتباس الوحي وعدم تتابعه وتواليه في النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الوحي قد نزل في أول الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انقطع عنه مدة، ثم جاءه جبريل عليه السلام مرة أخرى، فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه بينما كان يمشي، فسمع صوتا من السماء، فرفع بصره ونظر، فوجد جبريل عليه السلام بصورته التي جاءه بها وهو في غار حراء، يجلس على كرسي بين السماء والأرض، وغار حراء يقع أعلى جبل حراء على يسار الذاهب إلى منى، وعلى بعد ثلاثة أميال من مكة. وفي رواية أخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مجاورا في حراء -يعني معتكفا- وعندما هبط من الجبل عائدا ناداه الملك، وعندما أبصره صلى الله عليه وسلم جئث منه، أي: رعب وفزع منه، حتى وقع على الأرض. فلما ذهب إلى زوجه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها قال: «زملوني، زملوني» يعني: غطوني، فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر} [المدثر: 1 - 5]، والرجز: الأوثان. والمعنى: يا أيها الملتف المتغطي بثيابه لخوفه مما رآه من ملك الوحي، لا تخف، وقم فأنذر الناس وخوفهم من عذاب الله إذا ما استمروا في شركهم، واجعل تكبيرك وتعظيمك وتبجيلك لربك وحده دون أحد سواه، وصفه بما هو أهله من تنزيه وتقديس. والثياب هي ما يلبسه الإنسان لستر جسده، والمراد بتطهيرها: تطهيرها من النجاسات. وقيل: إن المقصود: ونفسك فطهرها من كل ما يتنافى مع مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وداوم على ما أنت عليه من ترك عبادة الأصنام والأوثان، ومن هجر المعاصي والآثام.
ثم تتابع بعد ذلك الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، وحمي، أي: اشتد وكثر نزوله وازداد.