باب بيان المسجد الذي أسس على التقوى
بطاقات دعوية
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال قلت له كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى قال قال أبي دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت بعض نسائه فقلت يا رسول الله أي المسجدين أسس على التقوى قال فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال هو مسجدكم هذا لمسجد المدينة قال فقلت أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره (1). (م 4/ 126
تَقْوى اللهِ هي الخَوفُ منه ومُراقَبتُه في كلِّ الأعْمالِ، ومُراعاةُ أوامِرِه ونَواهيهِ وأحْكامِه في كلِّ مَناحي الحياةِ، ويَنبَغي للمُسلمِ أنْ يَتحَلَّى بها ويَسْعى للوُصولِ إليها، وقد أشادَ اللهُ في القُرآنِ بالتَّقْوى والمُتَّقينَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ أبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ أنَّه مرَّ به عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ، فسأَلَه: كيفَ سَمِعتَ أباكَ أبا سَعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه يَذكُرُ في بَيانِ المرادِ بالمَسجدِ الَّذي أُسِّسَ على التَّقْوى، الَّذي وَصَفَه اللهُ في قَولِه تعالَى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108]؟ أي: ابْتُدِئَ أساسُه وأصْلُه على تَقْوى اللهِ وطاعَتِه.
فأخْبَرَه أنَّ أبا سَعيدٍ الخُدريَّ رَضيَ اللهُ عنه دخَلَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهوَ في بَيتِ بعضِ نِسائِه، وسأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أيُّ المَسجدَينِ الَّذي أُسِّسَ على التَّقْوى؟» وَالمقصودُ بالمَسجدَينِ مَسجِدُ قُباءَ ومَسجدُ المَدينةِ الَّذي بَناه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَفًّا مِنَ الحَصى الصِّغارِ منَ الأرْضِ، فضرَبَ به الأرْضَ، ثُمَّ قالَ مُجيبًا عن سؤالِ أبي سَعيدٍ رَضيَ اللهُ عنه: «هوَ مَسجِدُكم هَذا»، أي: مَسجِدُ المَدينةِ، والمُرادُ بذلك المُبالَغةُ في الإيضاحِ لِبَيانِ أنَّه مَسجِدُ المَدينةِ.
فقال أبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ لعَبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي سَعيدٍ: «أشهَدُ أنِّي سَمِعتُ أباكَ» يَعني أبا سَعيدٍ الخُدْريَّ رَضيَ اللهُ عنه «هكذا يَذكُرُه»، أي: مثلَ هذا الَّذي ذكرْتَ عنه لي ذكَرَه لي.
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلِ المسجِدِ النَّبويِّ وأنَّه أُسِّسَ على التَّقْوى.