باب: بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال
بطاقات دعوية
حديث عبد الله بن مسعود قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها قال: ثم أي قال: ثم بر الوالدين قال: ثم أي قال: الجهاد في سبيل الله قال حدثني بهن، ولو استزدته لزادني
كان الصحابة رضي الله عنه -لحرصهم على ما يقرب من رضا الله عز وجل- كثيرا ما يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، وأكثرها قربة إلى الله تعالى، فكانت إجابات النبي صلى الله عليه وسلم تختلف باختلاف أشخاصهم وأحوالهم، وما هو أكثر نفعا لكل واحد منهم
وفي هذا الحديث يسأل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن أحب الأعمال إلى الله تعالى المرضية لديه الصلاة في أول وقتها، وذلك بأن يحافظ المسلم على أدائها بعد سماعه الأذان، وذكر الأفضلية هنا للحض والحث على الإسراع إلى الصلاة، وعدم التكاسل والتأخير في أدائها، ولأن في أدائها في أول الوقت دليلا على الحرص عليها، وعلى أن المسلم يعرف حق الله، ويحافظ عليه، ويؤديه إذا وجب عليه في وقته، دون تأجيل أو تسويف، ولا يدخل فيمن قال الله تعالى فيهم: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون: 4، 5] وهم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو حتى يخرج وقتها.ثم سأله ابن مسعود رضي الله عنه: أي العمل أحب إلى الله تعالى بعد الصلاة؟ فأخبره صلى الله عليه وسلم أنه بر الوالدين؛ بالإحسان إليهما، والقيام بخدمتهما، وترك عقوقهما. ولما كان ابن مسعود له أم؛ احتاج إلى ذكر بر والديه بعد الصلاة؛ لأن الصلاة حق الله، وحق الوالدين يأتي بعد حق الله عز وجل، كما قال تعالى: {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} [لقمان: 14].ثم سأل ابن مسعود رضي الله عنه: أي العمل أحب إلى الله تعالى بعد بر الوالدين؟ فأخبره صلى الله عليه وسلم أنه الجهاد في سبيل الله؛ لإعلاء كلمة الله عز وجل، وإظهار شعائر الإسلام بالنفس والمال.والمقصود: أن أفضل الأعمال القيام بحقوق الله التي فرضها على عباده فرضا، وأفضلها: الصلاة لوقتها، ثم القيام بحقوق عباده، وآكدها بر الوالدين، وذروة سنام العمل هو الجهاد في سبيل الله.والحكمة في تخصيص هذه الأشياء الثلاثة بالذكر «الصلاة على وقتها، وبر الوالدين، والجهاد»؛ قيل: لأن هذه الثلاثة أفضل الأعمال بعد الإيمان، فمن ضيع الصلاة -التي هي عماد الدين، مع العلم بفضيلتها- كان لغيرها من أمر الدين أشد تضييعا، وأشد تهاونا واستخفافا، وكذا من ترك بر والديه فهو لغير ذلك من حقوق الناس أشد تركا، وكذا الجهاد في سبيل الله؛ من تركه -مع قدرته عليه عند تعينه عليه- فهو لغير ذلك من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى أشد تركا.ثم أخبر ابن مسعود رضي الله عنه أنه لو استزاد النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يذكر أعمالا أكثر من ذلك، ما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره بأفضل الأعمال
وفي الحديث: بيان حرص الصحابة وابن مسعود رضي الله عنه على طلب المعالي من الأعمال
وفيه: الحض على الصلاة في أول وقتها، وعلى بر الوالدين، وعلى الجهاد في سبيل الله تعالى